11 - 05 - 2025

مؤشرات| الدولار تراجع فلماذا لم تنخفض أسعار السلع؟!

مؤشرات| الدولار تراجع فلماذا لم تنخفض أسعار السلع؟!

سؤال مهم دائما يواجهني به كثيرون في أي لقاء عام أو خاص ، وهو السؤال الذي أتلقاه في كل مناسبة، ولقاء تلفزيوني  "الدولار انخفض فمتى ستنخض الأسعار، وإلى أي حد ستتأثر أسعار السلع الغذائية بأسعار الدولار الذي تراجع بشكل ملموس خلال الشهور الماضية؟.

والأسئلة لا تنتهي حول آمال الناس في ارتفاع قيمة الجنية أمام الدولار، حيث يتساءل الناس لماذ لم تنخفض أسعار الخدمات والسلع، مع تراجع الدولار، ؟ فدائما جمهور الناس عامة تريد النتائج سريعا، فالصبر على النتائج ليس من سمات البشر.

وللإجابة على تلك الأسئلة وغيرها، لابد أن نعود إلى بداية قصة تطبيق برنامج الإصلاح الإقتصادي الذي انطلق في 3 نوفمبر 2016، حيث استقيظ المصريون في هذا اليوم على اتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، تم بمقتضاه تعويم الجنيه المصري أمام العملات الأخرى، ليفقد نصف قيمته في ذات اللحظة، منخفضا من حوالي 8 جنيهات إلى 16 جنيها أمام الدولار، وتواصل الإنخفاض حتى وصل قيمة الدولار إلى حوالي 20 جنيها، ثم اتخذ الجنيه اتجاه صعودي ليستقر لنحو عامين أمام الدولار عند 17.88 إلى 18 جنيها.

وفي ذات اليوم 3 نوفمبر شملت القرارات الحكومية تنفيذا لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي، بدء برنامج التخلص من الدعم، برفع أسعار الكهرباء والبوتجاز والغاز في مرحلة لاحقة، ورفع أسعار البنزين والسولار، والمنتجات البترولية من المحروقات، والدخول في سلسة أخرى من القرارات التي تتصل بالتخلص من الدعم العيني إلى الدعم النقدي.

وعلى مدار نحو 30 شهرا واصلت الحكومة وفي توقيتات محددة رفع أسعار الطاقة بمختلف أنواعها، ورفع أسعار المواصلات العامة والقطارات والمترو، ومع كل هذا تحركت أسعار السلع والخدمات الخاصة، ليصل بعضها إلى ضعف السعر قبل 3 نوفمبر 2016، وعلى مستوى أسعار المواصلات والمترو فقد تجاوزت الضعفين،  ولم تخلو سلعة على مدار برنامج الإصلاح الحكومي من مضاعة سعرها، من ربطة الجرير والفجل، إلى السلع الفاخرة والترفيهية. 

ولاشك أن هذا الوضع مؤشر مهم على ثبات الأسعار التي تحركت بفعل البرنامج الإصلاحي، وشروط البنود التي تضمنها الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي اشترط إلغاء الدعم على الكهرباء والمحروقات، والدعم السلعي، وكافة أشكال التدخل الحكومي في الأسعار.

وفي إطار الإجابة عن تساؤلات الشارع والقنوات الفضائية، وأسئلة الناس، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة مستويات تراجع في سعر العملات الأجنبية خصوصا الدولار، لصالح الجنيه، حيث فقد الدولار حوالي 1,15 جنيها " جنيه و15 قرشا" من سعره، بفعل زيادة الإحتياطي من النقد الأجنبي، وزيادة المعروض منه، ولوقف الإعتمادات التمويلية، مع قرب انتهاء السنة المالية، 2018-2019، وهذا الإنخفاض في قيمة الدولار لا يمثل سوى 6,5% من السعر، فيما أن القفزة عند التعويم كانت كبيرة جدا، عندما فقد الجنيه أكثر من نصف قيمته في لحظة.

وفي الوقت نفسه مازالت سياسات الحكومة مستمرة في اتجاه زيادة أسعار الطاقة والتي ستدخل مراحلها الأخيرة في بداية العام المالي 2019 – 2020 في يوليو المقبل، وهو ما يعني أن هنك موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار في السلع والخدمات، بفعل الارتفاع المرتقب في سعر الكهرباء والمحروقات، وإن كانت ستكون أقل حدة من سابقيها.

وبالعودة للقضية الرئيسية يصبح السؤال الذي يطرحه الجميع بشأن التأثير المرتقب لتراجع سعر الدولار أمام الجنية، فهو سؤال يدخل في إطار التمنيات والأمنيات والطموحات التي يحلم بها الناس في ظل موجات الإرتفاعات السعرية التي عاشها على مدى نحو ثلاثة سنوات، فانخفاض الأسعاربشكل كبيرة أمر محال قياسا على نسبة ارتفاع الجنيه أمام الدولار، والتي لا تتجاوز 6,5% من السعر قبل شهرين، فيما كان انخفاص سعر الجنيه هو الأكبر في تاريخه، وهو ما أخذ بالسلع والخدمات في طريق موجة سعرية غير مسبوقة، ومن الصعب أن نرى تراجعا في مستوياتها بشكل يلمسه الناس.

إذن على الناس أن تعيش الواقع، ولا تبني أحلاما على بيوت من رمال أمام موجات مياه البحر، "أقصد هنا موجات نتائج الإصلاح والتعويم"، التي أرست نظاما جديدا، لا علاقة بالهموم الإجتماعية، والتي تحتاج إلى سياسات أخرى، وبرامج تخاطب الشرائح الأكثر احتياجا في المجتمع، التي قد يكون موجود بعضها وليس كلها موجود مثل تكافل وكرامة، بينما مواجهة غول الأسعار يحتاج لسياسات ونظرة اجتماعية أخرى، يقيني أنها ليست في ذهن من وضع برامج التعويم والتحرير.
------------------
بقلم: محمود الحضري 
من المشهد الأسبوعي

 

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش