31 - 10 - 2024

ومازلت أنتظر"مكالمة"أبو"شادي" خارج حدود الزمن

ومازلت أنتظر

"مش شايف حاجة .. حد يكون لسه عنده نظر يقوم يقرا قصيدتي الجديدة ، طيب بلاش .. ماحدش هيعرف يقراها غيري ، ممكن تستحملوا الوقفات والهنات الكتير ، خلاص كبرنا فعلا وضاع النظر ياولداه ، هو يعني كان فيه حد غيرنا المزروعين في حزن وهم الوطن وبلاوي المتلطعين بالكدب والخيانة والفساد الدكر، ده كله حواليه ، ويفضل له بعدها ولو حاسة واحدة من الخمسة اللي ربنا وهبنا بيهم ، ملعون ياحضرات أبو المفتري علي طهارة الثوار ونبل الغلابة وكبرياء ونخوة ولاد البلد الجدعان وقول عنهم من هنا ليوم الدين" ..

 والسيناريو ده أعتاد أرتجال كل شبيه ليه ، اللي يستحمل أهلا وسهلا ، واللي مش مهاود ومستحمل يدخل قلبه الكبير العليل الثوري من يومه ويعذره  ويلملم حبات اللؤلؤ  .. حبة .. حبة .. ويغني معاه لمصر النيل والغيطان والحدود والآثار والسهر والصحبجية ومسرح العرائس والطليعة وساقية الصاوي ومركز الهناجر بدار الأوبرا وقصر ثقافة الإسماعيلية والقنطرة شرق وغرب،في البدلة .. عسكري ولا ضابط مناوب مش مهم ومش فاكر ومش مهم يفتكر .

فضفضةعلي قهوة شعبية كان بيحبها مهندس أغرب تصميم وأجمل "باترون"هندسة الشياكة وتفصيل وقيافة المصاروة المودرن وقصات الطليان ، كان يفصل لينا إحنا الصحاب والرفاق واللي صابرين بكل حب لأبداعه .. لذهق كتير علي سهوه ومن غير سبب لغاية ماتتولد القصيدة .. يصر بنفس روعة ألوانه ورتوشه ورسمه المستحيل علي الخشب والقماش والجلد والورق أنه يرش كل تفانينه ، ويصمم معاها هكذا علي الرحيل في هدوء وصمت وشاعرية  وأيضا .. بآخر شياكة  رغم أنه فارس ميدان .. في "التحرير" مع أول طلعات الولاد البكر ، معاه مصمم ياخدهم في حضنه وتبقي محتطهم ساعة الصفر أسفل تمثال "رياض" أو "عمر مكرم"

شريكة العمر وديعة والثائرة الفلسطينية الأصل ..  لم تخف يوما علي الأولاد  أبدا .. 18 يوما حتي زغردت مصر وفرت معها أسخن دموع  أبو "شادي" -  الأبن الأكبر  المبدع الفوتغرافي الواعد الموهوب ومصور ثورتين بكادرات مذهلة مكانها متحف علي نهر الريفيرا وقاعات "اللوفر" ، وشقيقته "رام الله" الجميلة النابهة - .. "محمد يوسف"   .. موال بيجري في دم القصايد الصعبة من "الثلاثيني للممر للمحطة الجديدة للعرايشية لشارع الحرية للترعة للمجري الملاحي لتبة الشجرة لتل سلام" ، صورة تشعلل حروفها في الدماغ ، زي قرن فلفل حامي من شطة طبق كشري في السيدة والحسين وقهوته السكر علي الريحة  في كافتريا "ريش" وصالات حزب التجمع والناصري وكوبري قصر النيل لما كان غاوي يعمل آخر مسودة لآخر شعبطاته في حبال ليل ونهار الديوان الدايبة ، ومع عكازه اللي بقي صديقه الأخير يننط  بيه بكل عناده الأزلي علي رصيف محطة "عرابي" التاريخية اللي هدوها ، وكأنهم كانو بيكنسوها من عينيه كنس ؟! ، ولسه شايفها بخياله بكل أصرار في مكانها منوره بفانوس حنطور كهنه مستني زبون عمره ماهييجي تاني للميدان ، ولا حتي  هيمشي في شارع محمد علي والملكة أوجيني ، شايف بكل استغراب وحيرة عينيه لسه طالة علي قناة السويس وهو اللي متوصي بالزعيم ناصر لما أممها لسه طازة ، بيدندن مع نبرة صوته لآخر نفس "محلاك يامصري وأنت علي الدفة " ، " ودع قناتي وسمائي المحرقة" ، مين كان يقدر علي شلال مناطحته للسحاب وهو متشعلق من قلبه العليل يوماتي ، وياما أكتر مشاويره اللي كانت للقناة الرابعة بيقدم تسلسل تاريخ حفر القناة قبل ما أي  أيد تدق فيها فاس لغاية ما إسماعيل باعها والفرنسيين أكلوها والأنجليزغازلوها والمصريين رجعوها .

ياسمير أنا عايز شغلك لمجلة "الهلال" .. "الشافعي" رئيس تحريرها صديق وألفت معاه كتابنا الضخم عن ملحمة قناة السويس .. جغرافيا وتاريخ .. وحب وعشق ودم ودموع وعنين هتفضل زايغة عليها وهتموت وتبلعها .. ماعلينا .. آخر ثوراته .. كان نفسه يشطب من جدارن المحافظة الجديدة لوحات لطع الألوان والرسوم السطحية العبيطة ، أن يكمل كام كتاب نقدي وتاريخي وموسوعة وديوان وكام لوحة وفيلم تسجيلي ومسرحية بأشهر قاعات المحروسة ، حدوتة فريدة كنت أنت ياصديقي بطلها المسافر ولن تعود ، ولم أستطع بدوري أن أصوغ فراقك في قصيدة ، خانتني كل أقلامي الجديدة والقديمة ولم أستطع أن ألخصك وأضع مشوار تجلياتك العديدة عبر سطور تؤبنك. ولم لا وأنت الذي باغتني بسفرك الطويل هذا ووعدتني بعد ومضة لي أرسلتها لك علي "الفيس" : طمني عليك يامحمد .. وحشتني .. لاترد .. أهاتفك .. يأتيني صوتك منهكا .. باحا .. كما لوكنت مقبض صنبور مياه يوزع نقاطه النازفة بحساب وبخل شديد ، .. وأنت كمان وحشني ، الأسماعيلية وكل اللي فيها واحشني ، أنا خلاص نقلت سكني "للعاشر" غصب عني ، هكلمك وأوضحلك لما أروح البيت ، هركن عربيتي وندردش قبل ماأطلع الشقة ، .... لكن يبدو أنني سوف أنتظره هنا في مدينته التي عشقها حتي الثمالة ، سوف أنتظره مع كل محبيه ومرتادي شواطئ سحر إبداعاته العامية بكل كنوزها الدفينة ، سوف أظل أنتظره أذا .. خارج حدود الزمن .

##

مقالات اخرى للكاتب

مع شظايا