يؤشر خبر القبض اليوم علي زياد العليمي وعمر الشنيطي وبعض رفاقهما، علي أن هامش الرأي السياسي والحرية السياسية لم يعد ضيقا وإنما صار مغلقا وغير موجود.
إن إتهام زياد العليمي وعمر الشنيطي بالتعاون مع الإخوان لإسقاط الدولة يعني أنه لاسقف للخشونة ولامنطق للإتهام، لست أدعي معرفة شخصية بأي من المقبوض عليهم، ولكنني قمت بجولة سريعة علي صفحاتهم، خاصة صفحة د عمر الشنيطي، فوجدتها أبعد ماتكون عن الإخوان وعن الإضرار بمؤسسات الوطن ومستقبله، بل وجدت للرجل آراء وجهودا إقتصادية غاية في الأهمية والرصانة وخدمة الوطن وتشجيع الإستثمارات حتي آخر بوست له، كما قرأت تعليقات الناس علي الأخبار المنشورة عن الموضوع فوجدت أغلبية تقارب الإجماع تؤكد عدم قناعتها برواية الدولة والداخلية.
والحق أقول لكم أن السن والصحة لاتحتملان إرهاق السياسة ومخاطرها الجمة، ولاخشونة الدولة وبطشها الأعمي الذي لايكاد يميز بين المحب والكاره والوطني والعميل، والذي يبدو أنه لايكاد ينجو منه أحد ذو رأي أو موقف، لذا فإنني أستأذنكم في التوقف عن الكتابة السياسية، لأنه للأسف الشديد لايبدو أن هناك مايمكن عمله في الوقت الحاضر، ولايبدو أن هناك من يريد أن يسمع أو يفهم، ناهيك عن أن يتفهم أو يناقش، في حين يبدو واضحا أن مايمكن مواجهته من مخاطر ومعاناته من لدد الخصومة لاحدود ولاقاع له.
قبل المغادرة السياسية أود أن أشارككم أمرين .. عزاء وتوقع: أما العزاء الكبير فهو أن الكل تقريبا، بإستثناء الإخوان من جهة ومريدي النظام من جهة أخري، يعرفون الحقيقة، ويدركون ويميزون بين الخطأ والصواب، وبالأخص الشباب الذين هم مستقبل الوطن وأمله في الغد.
وأما التوقع فهو أن تجارب الدول الأخري، بل وتجاربنا في عهد ناصر وغيره، تثبت أن الطريق الذي نمضي فيه عاقبته بالغة الخطورة والكارثية، هو بالقطع توقع مؤسف وحزين، وسأكون أسعد الناس بثبوت خطئه، كما سأكون أتعس الناس إذا ثبتت صحته.
وداعا للسياسة التي كانت ومازالت وستظل هي الهوي والهواية والهوية .. ولكنها للأسف هاجرت وهُجرت.. حتي إشعارٍ آخر!
---------------------
بقلم: فوزي العشماوي*
*سفير ممتاز سابق بوزارة الخارجية المصرية
والمقال نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك