- أحمد كريمة: في عصرنا الحاضر مَصرِف "والعاملون عليها" لا وجود له في التطبيق العملي
- أيمن ابو الفضل:" لا يجوز إلا لمن عينهم الحاكم لجمع الزكاة ولا وظيفة لهم غيرها
- عاصم عبد الرحمن: لا تصرف إلا في حدود ما يأذن أصحاب الأموال.
- هيثم صلاح :الوكيل مؤتمن وما يجمعه أمانة يجب عليه أن يحفظها، وإلا كتب عليه وزر الخيانة
هل يجوز لمن يجمع التبرعات أن يخصص لنفسه جزءا منها، قياسا على كون "العاملين عليها" من مصارف الزكاة؟ أم أن هذه تجارة جديدة باسم الخير، حيث يحلل البعض لنفسه جزءا من التبرعات قد يصل الى النصف. استشارت المشهد علماء دين للإجابة على السؤال.
يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر انه من المقرر شرعًا أن مَصرِف "والعاملين عليها" جزء الآية ٦٠ من سورة التوبة إنما كان للمتفرغ لتحصيل الزكوات من المُزكين من تحصيل الأنعام والزروع وما أشبه في الجبال والبوادي وغير ذلك، ثم يقومون أي العاملون على الزكاة بإعداد كشوف المستحقين من الفقراء والمساكين، ويسلمون أنصبتهم من هذه الزكوات، بطبيعة الحال كان العاملون على الزكوات لا أعمال لهم تدر عليهم الكسب أو الدخل يجعلهم يعيشون وأسرهم.
أما في عصرنا الحاضر فمَصرِف "والعاملون عليها" لا وجود له في التطبيق العملي لأن لوائح العمل الخيري بالتضامن الاجتماعي وأي جمعية او مؤسسة خيرية إنما هو عمل خيري تطوعي لا يتقاضون عنه أجرا .
والمتطوعون بالمؤسسة الخيرية قد ارتضوا وغيرهم التطوع، وبالتالي لا يحق ولا يحل لأحد أن يتقاضى أية أموال نظير أعماله التطوعية الخيرية، يستثنى من ذلك الموظفون والعمال فهؤلاء يأخذون من متحصلات الجمعية او المؤسسة بالمعروف على حسب لوائح الدولة.
كما يؤكد الشيخ أيمن أبو الفضل أنه لا يجوز لأحد بعد جمع تبرعات للفقراء والمساكين ان يأخذ نسبه لنفسه، واستند في ذلك ان "القائمين عليها" خصصت لمن لا عمل له سوى ان يوفر هذه التبرعات اما من يخصص جزءا من وقته لفعل الخير لا يحل له ان يخصص نسبه لنفسه.
وضرب "ابو الفضل" مثالا ، فقال: أنا كمتبرع أعطيت لشخص 100 جنيه من اجل المشاركة في اجراء عملية لفلان او من اجل شراء علاج لعلان، فلا يجوز له أن يعطي لنفسه 25 جنيها من الـ100 لأنه قام بتحصيلها مني فقط، أما "القائمين عليها" هؤلاء لا بد أن يكونوا معينين من قبل الحاكم للزكاة، وهذه هي وظيفتهم الوحيدة وأجاز لهم الشرع أن يأخذو منها جزءا.
اما الشيخ عاصم عبد الرحمن فقال: إن جمع التبرعات والصدقات للمشاريع الخيرية وتوزيعها على المستحقين وإقامة المشاريع العامة النافعة كالمساجد والمدارس والمراكز الصحية ونحو ذلك أمر حسن، وعلى القائمين بذلك أن لا يتصرفوا إلا في حدود ما أذن فيه أصحاب الأموال، فإذا شرط صاحب المال شرطا وجب الالتزام به، وإذا لم يشترط شرطا معينا، جاز للوكيل التصرف بما تقتضيه المصلحة.
وأما استقطاع نسبة من المبلغ المتبرع به للعاملين على جمع التبرعات أجرة من هذا المال أو نسبة منه من مجموع مال الجمعية فلا حرج فيه إلا الأمور التي لا يمكن استقطاع نسبة منها لكونها لا تفي بشرط المتبرع ولمزيد الفائدة.
وتابع الدكتور هيثم صلاح ان الوكيل مؤتمن وما يدفع إليه من أموال الصدقات أمانة عنده يجب عليه أن يحفظها ويؤديها، وإلا كتب عليه وزر الخيانة، وإن تصرف فيها بغير الوجه المحدد له أو قصر في حفظها فقد تعدى وأثم، ويكون ضامناً لذلك المال، ولا تبرأ ذمته منه إلا بدفعه، يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/ 98.
وعلى الوكيل أن يوصل الصدقة لمستحقيها، ولا يحاول الاستفادة من هذا المال لمصلحته الخاصة حتى لو كان أحد الأصناف الثمانية، كأن يكون فقيراً أو مسكيناً؛ لأن الوكيل لا يتصرف لنفسه، ولأن الأصل في صرف التبرعات أن يكون حسب نية المتبرع وشرطه؛ فالمتبرع بمنزلة الواقف، والأصل التزام شرط الواقف؛ فلا يُصرف المال إلا حيث أراد، وقد لا يتبرع إن علم أن الشخص الذي يجمع له حصة من هذه الأموال.
فضلاً عن أن الوكيل في الصدقات ليس من العاملين عليها حتى يستحق الثمن، فالعاملون عليها هم المعينون من قبل ولي الأمر، وليس كل من يتولى توزيع الصدقات، فإذا أراد أن يأخذ من الصدقات فعليه أن يستأذن المتبرعين بذلك، فإن لم يفعل فقد خان الأمانة، واستجاب لما يلبسه الشيطان عليه، ويجب عليه التوبة والاستغفار.
-------------------------
تقرير - أحمد صلاح سلمان
من المشهد الأسبوعي - اليوم مع الباعة