19 - 04 - 2024

الدولة ومبادرات الحوار الوطني

الدولة ومبادرات الحوار الوطني

بعد الانتهاء من الاستفتاء أضحت التعديلات الدستورية أمرا واقعا محال تغييره، وعلى القوى المدنية وكافة التيارات والأحزاب السياسية الاعتراف بما جاء به الصندوق أيا كان ما تخلله من شبهات - من وجهة نظرهم- حول  ألية وإجراءات عملية الاستفتاء

والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً وبقوة على المشهد السياسي، هو ماذا بعد الاستفتاء؟ وهل من الممكن قراءة النتائج جيداً وتحليل الأرقام والنسب التي أظهرها الصندوق؟ أم سندفن رؤوسنا في الرمال ونتجاهل الأرقام التي أفرزتها عملية الاستفتاء، لا سيما ارتفاع نسبة الرافضين للتعديلات الدستورية عن أي نسبة في الاستحقاقات الماضية حيث اقترب العدد من الـ3 ملايين، ما يعني وجود كتلة ليست بالقليلة تتبنى الرأي الأخر.

وهنا يأتي دور الدولة في العمل على الحفاظ على وحدة مكونات المجتمع وتقوية روابطه، وذلك من خلال رسم خريطة أو رؤية مستقبلية تجمع حولها كافة مكونات وأطياف المجتمع، تهدف إلى إذابة حالة الانقسام والاستقطاب والحفاظ على ما تبقى من الوحدة الوطنية كجبهة داخلية في مواجهة التحديات والمخاطر الخارجية

 وهناك ضرورة ملحة لحوار مجتمعي موسع تقوده السلطة السياسية من جانب ومكونات المجتمع المدني من جانب أخر للاتفاق على المعالم الرئيسية والمبادئ العليا والأولويات الوطنية التي تعكس مطالب الشعب واحتياجاته خلال الفترة المقبلة في ظل الأوضاع الحالية، على أن يرتكز الحوار الوطني على محاور رئيسية وأبرزها فتح المجال العام لمزيد من الإصلاحات والحريات والمشاركة السياسية والعدالة الانتقالية، ولكن قبل ذلك على قوى المجتمع المدني إعادة توحيد صفوفها ولم الشمل والاصطفاف وتضيق الفجوة بينها ومحاولة بناء جسور بين كافة التيارات والاستفادة من تجربة الأعوام الماضية، والنزول إلى المواطنين بدلا من المعارضة من على منصات السوشيال ميديا.

ولغياب دور الأحزاب في الحياة السياسية، خرجت مبادرات من الداخل والخارج تطالب بالمصالحة الوطنية والحوار الوطني، وكان أبرزها مبادرة الدكتور أيمن نور، رئيس حزب الغد السابق، ودعوته ل100 شخصية مصرية في الداخل والخارج لحوار مجتمعي، ولكن المبادرة أثارت جدلاً كبيراً ولم تجد قبولاً لها في أوساط قوى المجتمع المدني.

وقبل ثلاثة أشهر من الأن، طرح الإخوان مبادرة في يناير 2019 تدعو إلى خريطة مستقبلية واحدة لمصر وهي المطالبة بالشرعية وعودة الرئيس مرسي إلى الرئاسة مرة أخرى، وكأن الزمن توقف بهم أنذاك

وفِي شهر أغسطس 2018 أطلق مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير معصوم مرزوق، مبادرة عبارة عن نداء عام يشمل خارطة طريق يتبناها لإنهاء أزمة مصر على حد قوله.. وغيرها.

وهنا، يأتي الدور على السلطة السياسية في البلاد لأخذ زمام المبادرة وطرح رؤية شاملة تهدف إلى المصالحة بين القوى السياسية المختلفة من أجل تخفيف حدة الاحتقان ولم شمل مكونات المجتمع بكافة فئاته وتياراته وأحزابه، ووضع خارطة طريق تقود سفينة البلاد في المرحلة المقبلة إلى بر الامان.. حفظ الله مصر 
---------------------
بقلم: محمد الباشا

مقالات اخرى للكاتب

«الشيوخ» .. الشكل دون المضمون





اعلان