12 - 05 - 2025

مدينتي الفاضلة| أوبر.. عقل بلا لجام

مدينتي الفاضلة| أوبر.. عقل بلا لجام

لأن بذرة الجسارة داخلنا تنمو بقصص النجاح، وتجف بالخوف.. أحكى عن جسارة مخترع "أوبر".. ثمرة تربية سبايدر وسوبر مان وتوم وجيري.. شخصيات الخيال الأمريكي الخارقة، التي أنتجت أبرار وأشرار، بعضهم يخدم ويربح، والآخر يسحق!!

 هو الشاب" ترافيس كالاينك".. اختار دراسة تكنولوجيا الاتصالات بجامعة كاليفورنيا، دراسته دمجت علمه بجسارة أبطال طفولته، ولمست وتر الحلم الأمريكي بسيادة العالم.. بدأ مع أصحابه بمغامرة تكوين أول شركة مع نوعها لتقديم خدمات ملفات تحميل الموسيقى على الكمبيوتر، بسرعة البرق جذب ملايين للموقع، وملايين في البنك.. شركات الإنتاج الترفيهية انتزعت حكم قضائي ضده بغرامة 250 مليار دولار.. لكنه يعرف المخارج، أعلن إفلاسه فأغلق المشروع، وأفلت من الحكم.. وأحيا شركة أحلامه باسم جديد، مع نفس فريق العمل.. تماما مثل مناورات إعلامنا مع لائحة اغتيال حرية الرأي في وطني.. ما علينا.. نجحت الشركة لكنه لعب مع الوحش "الضرائب"، لم يسجل كل الموظفين، فتم تغريمه 110 ألف دولار، هنا باع الشركة الرابحة ب 19 مليون دولار، ودي كانت بداية تدفق إبداعه وملياراته.

في صباح سعيد، بعد حضور مؤتمر تكنولوجيا اتصالات في باريس، وقف ينتظر تاكسي.. دقائق الصمت والملل أشعلت قريحته بأمنية ان يطلب تاكسي بالموبايل.. بس خلاص، فورا في 2010 بمشاركة مهندس قواعد بيانات بدأت شركة "أوبر" بشريك مهندس قواعد بيانات جسور مثله، وثلاث سيارات حديثة تجوب شوارع نيويورك.. انهالت الأرباح، وتطوير الأفكار والجسارة، وبدأت الحرب باحتجاجات ثم اضرابات سواقين التاكسي، عضدتها الحكومة بقوانين حماية المستهلك، وتحصيل الضرائب.. لكن صاروخ الجسارة والنجاح كان قد انطلق بإدارة ذكية صارمة.. كبار المستثمرين مثل شركة أمازون، تسابقوا لضخ الدعم فتضخم في شهور من ملايين معدودة إلى 1.2 مليار دولار، و80 ألف موظف، رافعا قيمة الشركة عالميا إلى 17 مليار دولار بعد عام واحد!!.

غزا أوبر باريس والهند، ثم شاركته الصين بدعم 600 مليون دولار، مقابل تعاونه مع شركة تقديم خدمات الخرائط والبحث الصينية، التي ابتلعها بالاستحواذ فورا!! وخلال 4 سنوات فقط– في 2015- غزا الشرق الأوسط بخدمات تنامت من الدراجة إلى سيارات ذاتية القيادة، توفيرا لأجرة السائق.. استحوذ على كل منافذ توصيل البشر، والبضائع، والطعام، برا وبحرا وجوا.. ثم التفت لأمراء الخليج يداعب الشفرة السحرية لخزائنهم، "الفشخره " بتأجير الهيليوكبتر واليخت.

ولما وصلت خدماته إلينا، لاقت نفس الهجوم والتربص، وأرعبت سائقي التاكسي لكن لم تردعهم..  فلا يزال سواق التاكسي أبو جلابية واخد راحته، رافع صوت القرآن لإرهابك بعقاب ربنا لو تأففت من قذارة، أو سألت عن عداد.. ولو انتظرت الباقي ستأخذ الفكة مع بصقة ملغمة من شباكه ولعنات بالعين واللسان.

طبعا أزعجنا خبر استحواذ أوبر على منافسه الوحيد كريم.. لكن بعد 4 أيام- استفزنا خبر اعلان جهاز حماية المستهلك، نشر استبيان موافقة السائقين والركاب على صفقة الاستحواذ!!- المصري اليوم 30/3-.. 

وأتساءل، هل يسألنا الجهاز رأينا في تطبيق قانون منع الممارسات الاحتكارية؟ أم يسألنا شهادة ضمان عدم ازعاجه مستقبلا بشكاوى رفع الأسعار أو سوء الخدمة؟ 

اطمئنوا، بطلنا الشكوى لغير الله.. فقط انثروا بذور الجسارة في المدارس، وشكرا.
----------------------
بقلم: منى ثابت 
من المشهد الأسبوعي .. اليوم لدى الباعة

  


مقالات اخرى للكاتب

 مدينتي الفاضلة | محاكمة القرن.. دين شنوده إيه؟!