15 - 05 - 2025

لماذا يتجاهل الإعلام المصرى والعربى جرائم حماس؟

لماذا يتجاهل الإعلام المصرى والعربى جرائم حماس؟

بدأ الشعب الفلسطينى من سكان غزة تنظيم مظاهرات احتجاجية، ضد ارتفاع تكاليف المعيشة.. والمُـطالبة بالحد من رفع الأسعار ورفع الأجور.. ولكن المسئولين الحمساويين بدلا من الاستجابة لمطالب الجماهير، تقمّـصوا شخصيات الطغاة فى كل أنظمة الاستبداد.. وصـدّقوا أنفسهم بأنهم (رؤساء دولة) وليسوا مجرد أعضاء جماعة (أو عصابة) استولوا على قطاع غزة، ومن هنا كان قرارهم بقمع المُـتظاهرين بكل وحشية. 

كان الفضل فى كشف وتعرية (النضال الحمساوى) ضد الشعب الفلسطينى، الإعلام الأوروبى ومنظمات حقوق الإنسان العالمية.. ومن أمثلة ذلك ما جاء فى تقارير (منظمة العفو الدولية) التى ذكر تقريرها أنّ: حملة القمع العنيفة التى تشنها قوات الأمن التابعة لحماس ضد المحتجين الفلسطينيين السلميين، وضد العاملين فى مجال حقوق الإنسان، ومن بينهم موظفى منظمة العفو الدولية.. وضد الصحفيين الفلسطينيين، يجب أنْ تتوقف فورًا..وإجراء تحقيق حولها.

وقد تعرّض مئات من المحتجين للضرب والاعتقال والتعذيب والاحتجاز بصورة تعسفية، وذلك منذ يوم 14مارس 2019 عندما خرج الفلسطينيون فى غزة إلى الشوارع للاحتجاح على ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهورالأوضاع الاقتصادية تحت حكم حماس، وبلغتْ الحملة على حرية التعبير بإستخدام التعذيب مستويات جديدة مقلقة، فعلى مدى الأيام الماضية شهدنا انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، ارتكبتها قوات حماس. 

ويوم 21 مارس تمّ احتجاز هند الخضرى (مستشارة أبحاث بمنظمة العفو الدولية) واستجوبها أعضاء حماس، بسبب عملها فى المنظمة الدولية.. واستمرّاستجوابها لمدة ثلاث ساعات، تعرّضتْ خلالها للمعاملة السيئة من المحققين الذكوريين الأربعة، وسبها بألفاظ (فاحشة) وخادشة للحياء.. وتحذيرها من عمل أبحاث ميدانية حول حقوق الإنسان.. والتهديد بمقاضاتها بتهمة التجسس.. والتخابر مع جهات أجنبية.

وقال صالح حجازى (مديرالمكتب الاقليمى للشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى منظمة العفو الدولية): لقد بلغتْ الحملة على حرية التعبير باستخدام التعذيب فى غزة مستويات لايمكن السكوت عنها، خاصة وأنّ قوات حماس تـُـحاول منع المدافعين عن حقوق الإنسان من القيام بعملهم مثل توثيق الانتهاكات الجسيمة.. وتهديدهم فى حالة الإبلاغ عنها ونشرها (ضمن مطبوعات المنظمة الدولية)  

ونحن فى منظمة العفو لن نسكت على تلك الانتهاكات.. ونُرسل رسالة إلى المُـسيطرين على غزة بأننا نـُـراقب ما يحدث.. وسنعمل على ضمان محاسبة المسئولين عن تلك الانتهاكات.

وذكر التقرير أنّ الحملة ضد المُـحتجين بدأتْ منذ يوم 10 مارس.. عندما اعتقلتْ قوات حماس ثلاثة عشر ناشطـًا، كانوا يُخططون لتنظيم مظاهرات للاحتجاج على ارتفاع تكاليف المعيشة.. وذلك خلال اجتماع فى منزل الناشط (جهاد سالم) فى بلدة (جباليا- شمال غزة).. وجاء الاعتقال بعد أنْ أطلقتْ المجموعة حملة على وسائل التواصل الاجتماعى بعنوان (ثورة الجياع).. والدعوة للتجمهر يوم 14 مارس. 

اقتحمتْ قوات حماس المنزل دون أمر اعتقال.. وتعرّض الناشطون للتعذيب.. وبعد يوميْن أفرجوا عنهم، مع التحذير من الاستمرار فى تحريض الجماهير على التظاهر. 

وذكر تقرير المنظمة الدولية أنّ أعضاء قوات (حماس البوليسية) كانوا يرتدون الملابس المدنية، مع استخدامهم للقنابل الصوتية والعصى المكهربة ورذاذ الفلفل والذخيرة الحية والاعتداء البدنى.. وفى يوم 15 مارس اقتحمتْ قوات حماس منزلا فى مُـخيم (دير البلح) التابع لصحفى فلسطينى هو أسامة الكحلوت.. وكان بداخل المنزل مديرالهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (جميل سرحان) ومحامى الهيئة (بكر التركمانى) وتعرّضا للضرب ومصادرة موبايلاتهما.. وذلك بالرغم من تأكد قوات حماس من عملهما فى مجال حقوق الإنسان.. ومع ذلك استمر ضربهما بطريقة وحشية.. وتـمّ اعتقال سمير المناعة (محامى بمركز الميزان لحقوق الإنسان) وخالد أبو سيبنان (باحث ميدانى فى مركز الميزان) وصابرين الطرطور (باحثة فى المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان) وفادى أبوغنيمة (باحث ميدانى فى جمعية الضمير لحقوق الإنسان فى غزة) 

هذا ملخص ما جاء فى تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية.. وملاحظاتى على ما حدث هى: 

أولا: تصرّف الحمساويون بمنهج الأنظمة الفاشيستية المُـعادية للجماهير الشعبية. 

ثانيـًـا: يعتمد الحمساويون على (معونات) بعض الدول الأوروبية والعربية وبعض المؤسسات العالمية الداعمة للإرهاب.. والمعادية للسلطة الفلسطينية الشرعية. 

ثالثــًـا: على الأنظمة العربية (والإسلامية) المُـتعاطفة مع الحمساويين، تأمل ما  حدث.. وإعادة النظر في الأموال التى تودع فى حساب أعضاء حماس، أوالأموال السائلة.. والمُـفترض أنها بهدف (تحسين المستوى المعيشى لمواطنى غزة) فإذا بقادة حماس يحتجزون معظم هذه الأموال لأنفسهم.. وبها يركبون الطائرات ويعيشون فى رفاهية مثل رفاهية ملوك ورؤساء أنظمة الاستبداد.. ويلقون الفتات للشعب الذى أعلن تمرده على هذا الظلم.. وخرج إلى الشوارع ليـُـعبـّـر عن احتجاجه، فكان مصيره الضرب بوحشية بخلاف اعتقال المئات مع تعذيبهم، كما يفعل أى نظام (دموى) لايعبأ بأوجاع الجماهير.. مع تمسكه بكرسى السلطة. 

رابعـًـا: الشعب الفلسطينى (سواء فى غزة أو فى الضفة) يـُـعانى من سلطة الاحتلال الإسرائيلى.. وبالتالى كان المُـفترض أنّ (الزعماء) الذين فرضوا أنفسهم على شعبهم أنْ يكونوا ضد المحتل الإسرائيلى.. وليس ضد الجماهير الشعبية.. ومع ملاحظة المعلومات التى يعرفها أصغر محلل سياسى عن لقاء محمود الزهار (أحد مؤسسي حركة حماس.. وأبرز القادة الحمساويين) مع مدير المخابرات الإسرائيلية عام 1986.. وعن أنّ إسرائيل هى التى أنشأتْ تنظيم حماس ليكون مُناوئــًا للسلطة الفلسطينية الشرعية (تنظيم فتح)    

وأثناء الصراع الدامى بين أتباع حماس وأتباع فتح، فإنّ الحمساويين كانوا يتخلــّـصون من خصومهم الفتحاويين (الفلسطينيين مثلهم) بإلقائهم من الأدوارالعليا.. وبرفع علم حماس بمنظوره الدينى، ونزع علم فلسطين بمنظوره الوطنى.. والاعتداء على الجرحى الفلسطينيين داخل المستشفيات.. ومنع المرأة الفلسطينية من الاشتراك فى المظاهرات ضد (العدو الصهيونى) لأنّ المرأة عورة بدءًا من شعرها إلى أظافر قدميها بما فى ذلك صوتها.. وإذا كان الحمساويون ضد شعبهم الفلسطينى، فإنّ من حق شعبنا المصرى أنْ يشعر بالقلق من الحمساويين، المُـتحالفين مع إسرائيل فى الاستيلاء على أجزاء من سيناء لتوطين الغزاويين.. وإذا كان (مصريون) لايشعرون بالخطر الحمساوى/الإسرائيلى، فإنّ أهالى محافظة شمال سيناء كانوا أكثر وعيًا إذْ طلبوا من المحافظ وضع مادة فى الدستور تحظر على سلطات الدولة تغيير أوتعديل أو إعادة ترسيم الحدود الشرقية لتخوفهم ((مما يُسمى الوطن البديل فى سيناء للفلسطينيين)) (المصرى اليوم 31/7/2012) كما أصدرتْ منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان بيانـًا طلبت فيه سرعة (تحرير قطاع غزة من قادة حركة حماس) واعتبرتْ المنظمة أنّ حركة حماس كيان غير شرعى، وهى السبب الرئيسى فى حالة الانقسام وعرقلة قيام الدولة الفلسطينية المنشودة منذ عام 67. وأشار البيان أنّ الهدف الاستراتيجى من زرع حماس داخل غزة هو تحقيق الأهداف الإيرانية فى المنطقة بإقامة دولة شيعية تمتد من فلسطين إلى لبنان وسوريا، وهو ما يُبرّر الدعم المالى واللوجيستى لحماس من قِبل طهران والحرس (الثورى) الإيرانى، الذى يمد حماس بالأسلحة ويتولى تدريب عناصرها.

وحذرتْ المنظمة من عمليات نقل الأسلحة والصواريخ بعد تهريبها من ليبيا ونقلها إلى حماس عبر سيناء والأنفاق الحدودية ضمن مخطط للإخوان لتحويل سيناء إلى قاعدة عسكرية لحركة حماس ( صحيفة روزاليوسف30 يوليو 2012 ص1)  

خامسـًـا: بالرغم من أنّ الأحداث الأخيرة بدأتْ منذ يوم 10 مارس، فإنّ الإعلام العربى (والمصرى) تجاهل- وفق متابعتى للصحف والمجلات والفضائيات- جرائم الحمساويين ضد الشعب الفلسطينى.. وكأنّ ما حدث وقع فى قارة خارج الكرة الأرضية.. فما سبب هذا التجاهل؟ ولمصلحة من التعتيم على جرائم الحمساويين؟ 
------------------
بقلم: طلعت رضوان

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟