11 - 05 - 2025

ظاهرة المسيحوفوبيا

ظاهرة المسيحوفوبيا

"ترحيب من قلب نقى، ولسان صادق، بذئب غادر، لا يحمل فى يده إلا الموت الناقع". ذلك هو الترحيب، الذى لاقى به الرجل المسلم، ذو السبعين ربيعاً على باب المسجد، في نيوزلندا ذلك السفاح، الذي لم تشفع بشاشة وجه ذلك الشهيد، ولا أدبه، ولا كهولته، عند ذلك الإرهابي اليمينى المتطرف، فعاجله بسيل من رصاصات الحقد، والغدر، والإرهاب، ولم يكتف بذلك، بل حصد بعده، أرواح 49 شهيداً بإذن الله، لم يقترفوا ذنباً، ولم يلحقوا به، أو بغيره أذى، لكن هكذا هو الإرهاب.. لا دين ولا أخلاق له.

ذكر ذلك القاتل الإرهابي، فى بيانه أن من أسباب ارتكابه، لتلك المجزرة، هو التزايد الكبير لعدد المهاجرين، واعتبرهم محتلين وغزاة!!!، وأعن تأثره بإرهابي أكبر دونالد ترامب باعتباره رمزاً لإعادة الاعتبار لهوية البيض!!!

والحقيقة أن من الهزل، والخرف أن يصدق أحد، أن ذلك السبب الواهي، الذى ذكره ذلك الملعون الإرهابي، هو ما دفعه إلى قتل(50)، وإصابة(49) مسلم.

لكن ما فعله لاسبب له، إلا الإرهاب، والحقد على المسلمين، وكما قلت من قبل، أن الإرهاب لا دين له، ولا أخلاق، ولا يفرق بين مسلم، ومسيحي فكما هناك تطرف، وإرهاب يقتل المسيحيون.. كذلك هناك إرهاب، وتطرف يقتل المسلمون لكن الفرق هو أن العالم، لا يريد أن يعترف، بأن هناك إرهاب مسيحي.

 فغير خاف على أحد، أن ذلك الإرهابى القاتل، هو مسيحي، يمينى متطرف، كما ذكرت رئيسة وزراء نيوزلندا، وهى نفسها مسيحية يمينية، وبالمناسبة أود أن أقدم لتلك السيدة الفاضلة، عظيم الامتنان، والشكر لما فعلته، وقالته للمسلمين ففعلت، وقالت ما لم يفعله، كثير من القادة المسلمون حول العالم، للأسف، بل أن أبواق الإعلام المنافق، أبت أن تصف تلك المجزرة البشعة، بوصفها الحقيقي.. الإرهاب.

 بل قالت أنها اعتداءات، والسؤال هنا لماذا يكون الإرهاب، اعتداءً إذا كانت صدور المسلمين، هى التي تتلقى الرصاصات، بينما يكون إرهاباً، حينما تكون يد المسلم، هي من تطلق الرصاص!!؟؟ منطق فاسد، وغير مقبول.. 

فالإرهاب إرهاب مهما كانت اليد الآثمة التى تقوم به، وأيضاً يحضرنى سؤال، إذا كانت الأيام تثبت تباعاً، أن هناك إرهاب يأتى جراء الفكر اليمينى المتطرف، فلماذا لا نطالب بإعادة تجديد الخطاب الديني المسيحي أيضاً، مثلما يُطالب العالم بتجديد الخطاب الديني الإسلامي.. لماذا الكيل بمكيالين؟؟!! 

فمما لاشك فيه، والحقيقة التى لا تقبل الجدل، أو النقاش أن الدين الإسلامي، والدين المسيحي، براء من استباحة الدماء، والأموال، والأعراض.. 

فالإسلام هو دين السلام، والرحمة، والمسيحية هى دين المحبة، ومن كانت تلك هى صفاتهم، وغاياتهم فلا يمكن أن يكونوا أبداً، سبباً في أي نوع من أنواع الإرهاب والتخريب.

إننا أمام حقيقة تؤكد، أنه إذا كان هناك ضرورة، لتجديد الخطاب الدينى الإسلامي، فبالتبعية يجب أن يكون هناك ضرورة لتجديد، الخطاب الديني المسيحي أيضاً، ولا أستبعد أن تنتشر ظاهرة المسيحوفوبيا، مثل ظاهرة الإسلاموفوبيا، والدليل على ذلك أن العديد من المساجد فى أمريكا، ودول أوروبا قد أخذت إحتياطات أمنية أمام المساجد، وحولها خوفاً من التعرض لمثل ما حدث فى نيوزلندا، وأذكر على سبيل المثال مسجد إبراهيم فى ولاية لوس انجلوس الأمريكية، قد قرر نشر حراسا مسلحين، على أبواب المسجد، وكتب على صفحة المسجد، عبر الفيس بوك: لن يخيفنا الإرهاب، وسنواصل ممارسة إيماننا.. سوف نقوم بأخذ الاحتياطات الأزمة .

لذلك أكرر، وأطالب بضرورة تغيير خطاب الكراهية المسيحي، الذى ينتهجه الغرب، والذى يصور المسلمين، كأنهم وحوش يستحقون القتل، فلابد من إعلان أن كل المنظمات اليمينية، المسيحية منظمات إرهابية، فلا فرق بين أبو بكر البغدادي، وذلك الإرهابي الملعون، كلاهما إرهابيان.. قاتلان، لا يمثلا الدين الإسلامي، أو المسيحي، بأي شكل من الأشكال، ولا ننسى أن الحروب المدمرة العالمية، قد شنها المسيحيون المتطرفون، فقد احتلوا الهند، ومصر، والعراق، وسوريا، وأفغانستان، ومن قبلها الحروب الصليبية، فسفكوا دماء أهلها، واستباحوا ديارها، تحت مسمى نشر قيم المسيحية، والمسيحية براء من ذلك تماماً.

فهلا سارع العالم إلى تصحيح المسار..

هلا نصبت ميزان العدل بدل الكيل بمكيالين حتى لا تنتشر ظواهر.. مثل المسيحوفوبيا.  وللمقال بقية إن شاء الله تعالى.رحم الله جميع الشهداء، وأسكنهم فسيح جناته، ولا نقول إلا ما يرضي الله.
----------------------
بقلم: مـحمــد نـــور
رئيس النادي الثقافي للمبدعين المصريين
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

ظاهرة المسيحوفوبيا