24 - 04 - 2024

يوميات حرب غزة.."فلسطينية في قبضة المحتل" (4)

يوميات حرب غزة..

تهديد بالاغتصاب واطلاق كلب ضخم على امرأة اربعينية .. كي تعترف بما لاتعرف

أطفال غزة دروع بشرية لجنود الجيش "الذي لا يقهر" وأسر كاملة تعيش الكابوس ذاته

محو عشرات العائلات من السجل المدني .. ومن على وجه الأرض

 تجربة قاسية لإمرأة فلسطينية (5)

غزة، القرارة

18/08/2014

رجعت السيدة عائشة الى منزلها بعد يومين من مكوثها في مركز لإيواء النازحين في مدارس الأونروا، عادت من أجل أن تسقي وتطعم طيورها وحمامها وكذلك لتحضر بعض الملابس والأغطية لأطفالها الذين نزحوا بملابس النوم فجر ذلك اليوم اللعين، وصلت بيتها في الحادية عشرة صباحا مطمئنة بأن هذا الجيش الانساني لا يمكن أن يمس النساء بأي سوء، خاصة أمثالها ممن اقتربن من الأربعينات من العمر.

فجأة، أوقفها الجيش العرمرم، ارفعي يديك لأعلى وأديري وجهك للحائط، صرخ فيها أحد الجنود الشباب، صوت صرخاته المتقطعة والمرتفعة جدا تنم عن خوف شديد أقرب الى الرعب منه الى الثقة بالنفس وبالسلاح المدجج بين يديه ومن حوله!!! تتذكر عائشة وهي تذرف دمعتين رقيقتين من عيونها الذابلة!

من الذي أرسلك الى هنا، لأي الكتائب من المخربين تتبعين، ارفعي يديك جيدا الى أعلى، لا تلتفتي الى الخلف، باعدي بين رجليك أكثر، صوت ضابط آخر يحاول أن يكون أكثر ثقة من الجندي الأول!

عصبوا عينيها وألبسوها كيسا خميلا من الخيش وربطوا معصميها بقيد بلاستيكي، وأجلسوها القرفصاء في ساحة البيت تحت أشعة الليل.

أنا امرأة عادية، متزوجة وأم لخمسة أطفال، أكبرهم بنت في العاشرة من العمر وزوجي عاطل عن العمل منذ أن أقفلتم معبر ايرتز في وجه العمال الفلسطينيين، ونحن ليس لنا علاقة بالمنظمات ونعيش على الكوبونات التي توزعها علينا الجمعيات الخيرية كلما تصدق عليها محسن أو أكثر من بلاد النفط والغاز، طبعا بالإضافة الى ما تصرفه لنا CHF من طرد غذائي كل أربعة شهور.

وكمان احنا عائلة معثرة، حتى المنحة المالية التي يصرفها البنك الدولي كل 3 شهور من خلال وزارة الشئون الاجتماعية لم يكن لزوجي فيها نصيب، احنا ليس لنا ظهر نركن عليه ولا واسطة تمشي أمورنا، إحنا من الناس اللي بتمشي جانب الحيط وبتقول يا ستير، الله يخلي لكم شبابكم ، الله يخلي لكم أولادكم، اتركوني أرجع لأولادي، الآن يبكون علي!!!

حاولت أن تستعطفهم بشرح حالها وحال أسرتها لهم، حاولت أن ترقق قلوبهم بالدعاء لهم ولأبنائهم، وهل يستجيب أصحاب القلوب القاسية والعواطف المتبلدة لدموع امرأة مقيدة ووحيدة بين كل هذا العدد من الجنود والآليات؟!

هددوها بالضرب والسحل، فلم يجدوا عندها أي اجابات جديدة على أسئلتهم المتكررة!

أحضروا كلبا ضخم الجثة خشن الصوت وهددوها أن يطلقوه عليها، من أين لي معلومات لأزودكم بها أيها المجانيين وأنا أخدم سبعة أفراد ليلا ونهارا! كانت تحدث نفسها بهذا الكلام!

تكررت هذه الأسئلة وتكررت الاجابات، صبوا عليها المياه الباردة والساخنة، فلا جديد.

زاد قلق أبنائها الخمسة وزوجها الذين ينتظرونها على أحر من الجمر بعد أن أسدل الليل أولى خيوطه السوداء، وفجأة حضر أحد الضباط الذي قدم نفسه على أنه ضابط مخابرات، وأخذ بإغرائها بمساعدتها ومساعدة زوجها تارة وتارة أخرى يهدد بنسف بيتها وتدميره، أنا ليس لدي وقت للاحتكاك بالناس ومعرفة أخبارهم، أنا ملتهية بخدمة أسرتي وتدبر لقمة العيش لهم!

لم يقتنع هذا الوحش بهذه الاجابات!

لم يبق له الا أن يجرب آخر أسلحته البذيئة والرديئة، فهددها بشرفها، هو يعلم كم تخاف الفلسطينية على شرفها!!!

ارتفع صوت نحيبها وكاد أن يغمى عليها، أترضى ذلك لزوجتك أو أختك؟ أنا بعمر والدتك! أترضاه لأمك؟

فجأة دخل ضابط آخر يجيد العربية وفهم نحيبها واستغاثتها ودخل في سجال شديد مع زميله الوحش حتى اقتنع هذا الأخير أن لا فائدة ترجى من مزيد من التنكيل والعقاب لهذه السيدة المسكينة!

تركوها تتلمس خطواتها في هذا الليل الدامس تحت فصف الدبابات واطلاق الرصاص من القوات الخاصة، خرجت مسرعة تهرول في الشوارع، تبكي حظها المعثر، وتدعوا الله وتشكره أن نجاها من بين براثن هذا الجيش الأخلاقي جدا!!!

رجعت لأبنائها خالية الوفاض دون ملابس أو أغطية، عادت دون أن تسقي الحمام أو أن تطعم الفراخ، كل التحية للأمهات الفلسطينية.

ارحموا النساء!!!

أوقفوا الحرب!!!

--------

وأقسم: من رموش العين...سوف أخيط منديلا... وأنقش فوقه شعرا... لعينيك...! 

وإسما حين أسقيه...فؤادا ذاب ترتيلا...يمدّ عرائش الأيك ... 

سأكتب جملة...أغلى من الشهداء والقبّل: "فلسطينية كانت.. و لم تزل...!

محمود درويش:عاشق من فلسطين

الفلسطينيون دروع بشرية (6)

19/08/2014

غزة،

يتميز الفلسطينيون بإيمانهم البسيط الشبيه بإيمان العجائز، هم لا ينفكون عن الذكر والدعاء في مختلف الاوقات فهم يعيشون في قسوة متواصلة من الحياة ان لم يكن بسب الاحتلال فبسبب الحصار المتواصل وشظف العيش المر.

وهذا حال رمضان قديح الذي لم يمل من قراءة آية الكرسي ويكررها بصوته المتهدل والمنخفض والمتقطع خوفا من أن يسمعه جنود الاحتلال الذين يحتجزونه مع 27 واحدا من أبناء أسرته، 19 منهم كانوا من النساء والأطفال، يتذكر الفلسطيني رمضان قديح لحظات رعب غير مسبوقة عاشها وعائلته لدى اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في بلدة خزاعة شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة خلال العدوان المتواصل على القطاع.

قرأ رمضان آية الكرسي والمعوذات وتلا الشهادة مرارا وطلب من أسرته أن تفعل مثله، قرأ آيات اللطف ودعا بكل ما حفظ عن جده من أذكار الستر والحفظ، أصر والده السبعيني من العمر أن يخرج من الغرفة مقتنعا أن جنود هذا الجيش الاسرائيلي لا يمكن أن يمسوا رجلا مسنا مثله بأي أذي! أبو رمضان كان مقتنعا أيضا أنه يستطيع اقناع القوات الاسرائيلية بأن يخلوا سبيلهم لانهم ليس لهم أي علاقة بالمقاومة والمقاومين!

هو يحمل وثيقة سفر إسبانية، وإسبانيا دولة مهمة في الاتحاد الأوروبي، لذلك ليس من المعقول أن يمسوا أحد رعاياها بسوء!

كما أنه يجيد العبرية التي تعلمها عندما كان يعمل لديهم في اسدود، لذلك فهم لابد وأن يفهموا عليه ويخلوا سبيل هذه الأسرة المحبة للسلام!

خرج هذا العجوز محني الظهر على عكازه الذي ورثه عن والده ووصاه بألا يضيعه فهو منحوت من فرع زيتون روماني، أمروه بالاقتراب، فاقترب رويدا رويدا، أمروه أن يرفع يديه، فرفع كلتا يديه لأقصى ما تستطيع قواه أن تفعل، اقترب أكثر من قوات الجيش الذي لا يقهر بعد أن تجرد من كل ملابسه بناء على أوامرهم الصارمة، اقترب وهو يرطن اليهم بلغتهم ويذكرهم بانه واحد من العمال الذي خدمهم في اسدود، اقترب حتى أمتار قليلة منهم.

فجأة ودون انذار مسبق، رصاصات صغيرة استقرت مباشرة في صدر هذا الفدائي الخطير على القوات الاسرائيلية! فأردوه قتيلا أمام أبناءه وأحفاده!!!

ذهبت شهيدا أيها العجوز نتيجة لحسن نيتك وثقتك الزائدة بأن هذا الجيش من الممكن أن يأخذ كل اعتباراتك في حسابه، إنهم لا يفهمون الا اعتباراتهم الأمنية!!!

بعد أن قتلوا العجوز، اقتربوا أكثر من باقي أفراد الأسرة وطلبوا منهم أن يتجردوا من ملابسهم ويكشفوا عن أجسامهم، قيدوا أيديهم، وحجزوهم في إحدى غرف البيت واستعملوهم كسواتر لإطلاق النار، أجبروهم أن يقفوا على نوافذ البيت بحيث يظهروا وكأنهم ينظرون إلى الخارج .

رمضان على نافذة و3 من أبناء عائلته على النوافذ الأخرى، فيما بدأ الجنود بإطلاق النار من جانبهم، ومن فوقهم ومن النوافذ الأخرى!!!

ثمانية ساعات ويزيد وهم تحت وابل الرصاص الذي يتطاير من حولهم، ثمانية ساعات من الخوف والموت الذي من الممكن أن يباغتهم كل لحظة، ثمانية ساعات من دون ماء أو راحة.

أجبروهم على أن يتقدموهم وهم يقتحمون المنازل المجاورة وآبار المياه بأسلحتهم ومتفجراتهم وكلابهم الضخمة، وعندما يشتبهون بوجود أي حفرة في الطريق كانوا يجبرونهم على الحفر خوفا من الأنفاق التي ترعبهم،

وهذا ما حدث أيضا مع الطفل أحمد جمال أبو ريدة (17عامًا)، الذي قيده الجنود الإسرائيليين وشتموه وضربوه، وضعوا وجهه على الأرض وطلبوا منه الركوع وحققوا معه بقسوة.

كان الجنود عند دخولهم لأحد المنازل يطلبون منه الوقوف في الأماكن التي من الممكن أن تتعرض لإطلاق النيران، وخاصة بجانب النوافذ، وفي أحيان أخرى يتم تقييده ورميه على الأرض.

وفي المساء كان جنود الاحتلال يحضرون هذا الطفل البائس إلى المنزل الذي ينوون التمركز فيه، ويضعونه في إحدى زوايا المنزل على الأرض وهو مقيد، نقلوه من غرفة إلى غرفة ومن نافذة إلى نافذة .. كان أمراً مرعباً، استمر وجود هذا الطفل مع القوات الإسرائيلية على هذا الحال لمدة خمسة أيام متواصلة.

لا أعرف كيف نجوت من هذا الجحيم، يتذكر أحمد بلوعة وألم! لا أعرف كيف سينجو هذا الطفل مما تعرض له من خوف ورعب وصدمات نفسية، أين منظمات حقوق الانسان، أين المنظمات التي تعتني بسلامة وصحة الأطفال النفسية والبدنية، أنقذوا الأطفال!!! أوقفوا الحرب!!!

----------

كل الذين كتبوا...عن الدم...والجريمة... 

في هوامش...دفتر التاريخ...

قالوا : ومن الحماقة...أن يظن المعتدون...المرتدون ثياب شاة... 

أنهم...قتلوا الحنين.

..! (محمود درويش:من قصيدة "الجسر" )

التطوع زمن الحرب (7)

----------

كعادة أبناء فلسطين، ولدي محمود يدرس الطب في السنة الرابعة في الجزائر، تطوع أثناء اجازته في مستشفى ناصر بخانيونس زمن الحرب على غزة، ليتعلم ويساعد أبناء شعبه، كما تطوع في مراكز الايواء، ليساعد في اغاثة النازحين،  تحية لأبناء شعبنا الصامدين

 

24 عائلة فلسطينية مسحت من السجل المدني (8)

غزة ، ??/??/???? 

في الحرب على غزة، استهدفت اسرائيل بيوتنا ومنازلنا بدون رحمة او ادنى شفقة، دون مراعاة لقوانين دولية او مواثيق انسانية،

بيوت اهل غزة مكتظة بالسكان، البيت للعائلة والابنية رأسية، يتكون كل بيت من مجموعة من الشقق، متوسط عدد افراد الاسرة في كل بيت حوالي ? افراد.

استهدفت قوات الجيش الاسرائيلي في هذا العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة حوالي 10 آلاف منزل يقطنها آلاف البشر،

ذهب ضحيتها اكثر من ???? شهيد و ??.??? جريح،

تستخدم القوات الاسرائيلية في تكتيكها في قصف بيوت الآمنين تكتيكين:

تكتيك الثلاث دقائق اللعينة بعد قصف البيت بصاروخ زنانة "يحذر" سكان البناية من الموت القادم بعد ثلاث دقائق، ويرشد طائرة ال اف ?? عن المكان المستهدف بدقة، لذلك يسمي اهل غزة هذا الصاروخ بالإرشادي.

فجأة وقبل ان تلملم نفسك واطفالك ووالديك وتترك كل حاجياتك وذكرياتك وكل ما حوشته من تعب الايام، تهرول من البيت هاربا دون الاكتراث كثيرا بآخرين. 

هذا يوم من أيام قيامة الدنيا حيث كل إمريء مشغول بنفسه، لا يتذكر الوالد ولده ولا والده ولا الأخ يتذكر أخته او أخيه،

الكل يهرول إلى حيث لا يدري، الى الشارع غربا او شرقا، المهم ان تبتعد كثيرا عن البيت المقصوف!!!

التكتيك الثاني الذي تستخدمه القوات الاسرائيلية هو اكثر قتلا وهمجية من الاول، لا وقت لديهم ليحذروك او يرشدوا صاروخهم، ليس لديهم حتى الثلاث دقائق الذهبية!  الفريسة وقعت في الفخ كما يعتقدون ويتوهمون، لذلك يوكلون هذا الامر مباشرة لطائرات ال اف ??

صاروخ واحد من الاوزان الثقيلة او صاروخين او حتى ثلاثة، تتحول الدنيا في لحظة الى ركام وحطام ودم مخلوط في التراب، يعجن التراب بالدم والعظام تطحن مع الحجارة والجلد يحترق مع ما يحتويه البيت من اثاث وحاجيات، تحرق انت وعائلتك وكل ما تملك، تمحى من سجل الايام وسجل الشئون المدنية.

24 عائلة من غزة مسحت من هذا السجل بالكامل فيك ياغزة في هذه الحرب اللعينة، قتل الوالد والوالدة والابناء والبنات،

?? اسرة تم قصفها فجاة ودون انذار مسبق بصواريخ ال اف ?? ، قتل معظم افرادها ودفنوا تحت ركام بيوتهم،

عائلات مسحت من السجل المدني، وعائلات فقدت كل ابنائها، واولاد فقدوا كل اخوتهم واخواتهم وبقوا وحيدين، اولاد تيتموا ، ذهب والدهم ووالدتهم، واولاد تيتموا لأحد الأبوين.

إن مسحت عائلاتنا من السجل المدني فلن تمسح من ذاكرتنا وذاكرة الاجيال القادمة، لن ننساها وسنخلدها وسنبني لها صرحا وتمثالا امام ابواب اقصانا.

أوقفوا قتل العائلات!!!

اوقفوا الحرب!!!

محمود درويش :

تَجَمِّعْ...أيها اللحم الفلسطينيُّ...في واحدْ...

تَجَمَّعْ واجمع الساعدْ...لتكتبَ سُورَةَ العائدْ...!

 

 






اعلان