09 - 05 - 2025

الشهوة وتوظيف الدين .. سموا الأشياء بأسمائها

الشهوة وتوظيف الدين .. سموا الأشياء بأسمائها

 أخيرا أعلنها شيخ الأزهر د.أحمد الطيب  صريحة واضحة لربما لأول مرة فى تاريخ الأزهر بعد تحرره نوعا ما من السلفية الوهابية، أن الأصل فى الزواج الإسلامى هو واحدة عملا بقول الله فى قرآنه وإن  خفتم ألا تعدلوا فواحدة..  فالتعدد استثناء لحل المشاكل لا صنعها وخراب البيوت وتشريد الأسرة، ليس لتلبية شهوات بعض الرجال فى أزمات منتصف العمر أو مجرد رغبة فى كسر الملل الزوجى الذى قد يتكرر مرة ومرات، ولا عزاء لاستقرار الأسر وسلامة الأطفال النفسية.

 والزوجة التى ترفض التعدد لاتعتدى على شرع الله كما يشيع الشيوخ الوهابيون الذين وقعنا فى مستنقع أفكارهم البدوية، فنشروا تلك العادة التى لم تكن موجودة فى المجتمع المصرى إلا بنسبة بسيطة، وفى أوساط معينة بل إن إحدى الأسباب الرئيسة للتعدد إذا ماعجزت الزوجة عن الإنجاب ولا ترغب هى فى الطلاق فيتزوج الزوج بمعرفتها ورضاها لحل المشكلة، ولا نجد حقيقة فى المجتمع من يتزوجون لذلك السبب، إنما على عكس تماما، نعرف زيجات استمرت رغم وجود المشكلة، بينما الذين تمتعوا بزواج مستقر ضحوا بمصالح أطفالهم جريا وراء شهواتهم، ولم يكن استقرار الزواج من أهدافه، إنما المتعة الجنسية فقط، وعندما تفتر الهمة ينهى الزواج وبذلك يكون زواجا فاسدا من الأساس لأن  أحد شروط صحة الزيجة أن تكون هناك نية فى الاستمرار.

إذن لاسبيل لتهديد الزوجات الرافضات للتعدد، وادعاء أنهن يرفضن الشرع حتى يقبلن بحياة القهر والإهانة فى عصرتساوت فيه الحقوق والمسؤليات بين الزوجين، فكيف تميل كفة الميزان لأحدهما لمجرد  أنه ذكر؟؟

بل إن الرجال الذين  يدافعون عن شهواتهم المصونة بالشرع كما يدعون، بقولهم  بأن الله حلل لهم التسرى بملك اليمين، كدليل أن تلبية الشهوة هى الأساس، أجيبهم بأن التعدد والتسرى بالجوارى، كان له زمنه، وما كان للدين الجديد أن يحارب المجتمع فى أقوى ممارساته ومتعه، المتمثلة فى الجوارى والعبيد والتى كانت لهم قوة الاقتصاد والثروة وتجاوزهم الزمن، لأن مصدرهم كانت الحروب، واليوم لا يستعبد أبناء الدولة المهزومة عسكريا، كما أن الإسلام قد جفف منابع الجوارى والعبيد، بأن وضع تشريع بأن الجأرية التى تلد من سيدها تعتق هى والوليد مباشرة كما أن عتق الرقبة كان حلا لكثير من الأخطاء، بذلك اختفت جريمة العبودية من المجتمع الإسلامى خلال عقود، بينما بدأت فى أمريكا بخطف الأفارقة وحملهم قسرا للقارة الأوروبية عبيدا فى وقتها وضحايا سياسة عنصرية قائمة حتى اليوم رغم القوانين المناهضة لها. 

إذن انتهى ذلك العصر بقوانين شرعتها المجتمعات الإنسانية، ولن نهين الإسلام بأن نشيع أنه لم يمنع ألاستعباد، لأن ديننا صالح لكل زمان ومكان، فوضع قاعدة فقهية تقول ماهو صالح للمسلمين فهو شرع أن الضرورات تبيح المحظورات، هكذا توافق مع حاجة المجتمع. 

إذن نحن عندما نقيد الزواج الثاني، إلا لأسباب نراها منطقية وملحة، وتحل مشاكل ولا تخلقها، لذلك تتجه الدولة لتقييد الزواج السرى، بضرورة إعلام الزوجة بالزيجة الثانية كشرط أساسي، فإن لم ترض تطلق للضرر وعلى الزوج أن يفصح عن أسباب للتعدد!! 

ولا ننسى القاعدة الفقهية بأن درء الضرر مقدم على جلب المنفعة والأسرة أولى بالمنفعة كى لا يتحمل المجتمع تبعات انهيارها.  

 وإذا طبقنا نفس المعيار على الزوجة التى تتذرع بالشرع بأن يحق لها أن تتطلق  سواء بالتراضى مع الزوج أو خلعه جريا وراء نزاوتها  الجنسية هى الأخرى، بحيث تطيح بالأسرة، قتتزوج هذا وتطلق ذاك وتشرد أطفالها من كل زيجة جريا وراء نزاوتها استغلالا لشرع الله وليذهب استقرار الأسرة للجحيم.. فهل نجاريها أم نعقلها حفاظا على استقرار الأسرة ؟ الاستخفاف بشرع الله نهايته كارثية!!

إذن الشهوة ليست مطلقة السراح، ولا ينبغي أن تتحكم فى حياتنا، فنستجيب لها مستسلمين لنزاواتها وراضخين لتبعاتها.. بل نروضها بالقوانين حفاظا على استقرار المجتمع.. وليس للرجال هنا أفضلية على النساء بعدم التحكم فى شهوته وأن إمرأة واحدة فى الزيجة الواحدة لا تكفيه، بكلام كثير من شيوخ السلفية التابعين للوهابية، إذن ما قولكم فى كلام الشيخ جاد الحق علي جاد الكريم  شيخ الأزهر الأسبق، فلكى يبرر جريمة الختان ويقنع بها المجتمع استند إلى دراسة للدكتورة زينب رضوان عميدة كلية الدراسات الاسلامية حينئذ، تؤكد أن شهوة المرأة ثلاث أضعاف شهوة الرجل، لذلك يجب تهذيبها وتحجيمها بعملية الختان حتى تتم السيطرة عليها!. 

فمن نصدق؟ من يوظفون الدين ليبيحوا التعدد للمتعة وتغيير الفراش والشهوة غير المنضبطة للرجل، أم من يقول أن شهوة المرأة أقوى، فيستاصل جزءا من جسدها للتهذيب؟

ياسادة.. العدل هو أساس الكون والتوزان وتكافؤ الحقوق بين البشر هو أساس استقرار المجتمع، وقول الحق من أدبيات البشرية والمجتمعات.  

فتحية لشيخ الازهر الذى لم يخش في قول الحق لومة لائم، فقالها صريحة "ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم".

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة