لم تعد وظيفة المتحدث الرسمي تقتصر على الحكومات أو الحكام فحسب، بل أصبحت هذه الوظيفة في عصرنا الحالي معروفة لكافة الأطر والهيئات السياسية وغير السياسية مثل الأحزاب والجمعيات والأندية الرياضية والفنية وبعض الفنانين المشهورين، بل إن بعض شركات القطاع الخاص وظفت ناطقاً رسمياً لها ليكون على صلة بالرأي العام ووسائل الإعلام المختلفة.
وعند النظر إلي البُعد السياسي لوظيفة المتحدث الرسمي ، نجده يُعد نوعاً من أنواع الإتصال السياسي الذي يُحقق مبدأ التواصل مع المواطنين وهو دعم لمبدأ الشفافية والثقة بين المواطن والمؤسسة، لهذا على المتحدث الرسمي أن يتمتع بدراية كاملة بكافة أنشطة الوزارة التي يتحدث عنها رسمياً خصوصاً الخدمية منها والتي هي أقرب الوزارات إلى المواطنين وأن تتوافر فيه سمات شخصية مقبولة جماهيرياً، بالإضافة إلى قدراته الإعلامية التي تنفعه في الأوقات الصعبة؛ فهو يحتاج إلي دراسة ومهارة وتدريب علي أسس التحدث أمام الجمهور وإعداد الخطاب الإتصالي وأسس التفاوض والدبلوماسية في التعامل.
وعلى الرغم من أهمية المتحدث الرسمي في تقديم المعلومة الصحيحة لوسائل الإعلام والتواصل معها وتوعية الجمهور وتعزيز قيم الشراكة الوطنية المسؤولة في التصدي للشائعات، إلا أن بعض المتحدثين الرسميين في بعض القطاعات العامة والخاصة لم يستكملوا أركان مهمتهم بعد، بالإضافة إلي أن غالبية المتحدثين لم يكونوا علي علم ودراية بما يحدث بوزاراتهم وهذا يعكس واقع عدم إهتمام المسؤولين بعمل المتحدث الرسمي ولا يعرفون أهمية دور هذا العنصر الحيوي في عملية الإتصال مع وسائل الإعلام والرأي العام.
ذلك ومن أهم المشكلات التي تواجه المتحدثين الرسميين بالمؤسسات الحكومية بجانب عدم إلمامهم بفنون الإعلام وإعداد الخطاب الإتصالي هو عدم إعطائهم الصلاحيات اللازمة ليتعامل كمتخذ للقرار وخاصة أثناء الأزمات المختلفة، كما أن الكثير منهم يفتقد للكاريزما القيادية للتعامل مع المشكلات، فالعديد منهم ينقصه التأهيل والتدريب للتعامل مع جماهير متعددة ، ذلك لكسب ثقة وتأييد تلك الجماهير لسياسات المؤسسة خاصة في وقت الأزمات.
وحتي لا نلقي المسؤلية كاملة علي المتحدثين الرسميين فهناك الكثير من الصحفيين يعتقدون بأن المتحدث الرسمي ليس لديه أي مهمات أخرى سوى الرد عليهم فقط وأنه حينما يُدلي بتصريحات مباشرة للإعلاميين يُفاجأ في بعض الأحيان بنشرها بطريقة مغايرة والسبب الإجتهاد الخاطئ من قبل الصحفيين أو سوء فهم القائمين على متابعة وتصحيح المادة الصحفية قبل نشرها.
لذا يجب علي المتحدث الرسمي تقديم معلومات مستمرة ومنتظمة عن السياسات والخطط والإنجازات الحكومية إلي الجماهير وإعلامها بالتشريعات والتنظيمات والإجراءات التي تمس الحياة اليومية للمواطنين وتقديم النصح للوزراء وكبار المسئولين فيما يتعلق بردود الفعل الحالية والمتوقعة للسياسات القائمة أو المرتقبة.
--------------------
د. غادة أشرف السيد
باحث في شؤن الإعلام والأمن القومي