الحقيقة أن قلمى لم يكتب حرفا فى هذا المقال حيث دعاني لافساح المجال لاراء وأفكار نخبة من أساتذة الفلسفة فى جامعات مصر ممن أسعدنى زمانى بصداقتهم ومتابعة أفكارهم وما تخطه اقلامهم.. ودعونى ابدأ بعميد أساتذة الفلسفة والمرجع رفيع القدر فى الفلسفة الإسلامية وعلوم التصوف الأستاذ الدكتور أحمد الجزار ومما كتبه على صفحته مطبقا مقولة خير الكلام ما قل ودل وخير الكلام قليل الحروف كثير القطوف :
- الأمل قوة الارادة الدافعة لتحقيق الأهداف. وسلام عليمن قل كلامهم وصلحت اعمالهم .
ودعونى انتقل إلى الأستاذ الدكتور صلاح عثمان رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنوفية والمعجون بحب مصر والمهموم بقضايا أمته العربية حيث كتب تحت عنوان "العرب وسؤال الحضارة"!:
ماذا قدَّمت الأنظمة والحكومات العربية للعالم، أو حتى لشعوبها، على مدار أكثر من خمسين عامًا، رغم الموارد البشرية والمادية والتاريخية الضخمة التي يتفرد بها الوطن العربي من المحيط إلى الخليج؟
هل نجحت هذه الأنظمة والحكومات في دفع مسيرة البحث العلمي، بحيث تحظى إحدى جامعاتها بمركز يحفظ ماء الوجه في التصنيفات الدولية النوعية؟.. لا!
هل تمكنت من تنمية اقتصاديات الثقافة والمعرفة لتحتل موقعًا نوعيًا على خريطة قوى الإبداع واقتصاديات المعرفة في العالم؟.. لا!
هل قدمت كشفًا علميًا أو اختراعًا تكنولوجيًا يُسهم في ارتقاء الإنسان حضاريًا؟.. لا!
هل وفرت لشعوبها نظامًا صحيًا يكفل لمواطنيها (أو حتى لكبار المسؤولين فيها) علاجًا ناجعًا من الأمراض لا يضطرهم لالتماس العلاج خارج أوطانهم؟.. لا!
هل طورت نظامًا تعليميًا آدميًا يواكب معطيات العصر ويحترم عقول الصغار والكبار؟.. لا!
هل ساهمت في تفعيل حقوق الإنسان الأساسية التي تُزين دساتيرها؛ من حق الحياة الكريمة إلى الحرية إلى العدالة إلى غيرها مما أقرته وفرضته الشرائع السماوية والوضعية؟.. لا!
هل حققت لشعوبها حياة الرفاهية التي تتناسب ومواردها اللامتناهية التي حظاها الله بها؟.. لا!
هل حررت أرضها المغتصبة في فلسطين مثلما أعلنت مرارًا في أغانيها وخُطبها العصماء؟.. لا!
هل استثمرت ميراث الأجداد سياحيًا واقتصاديًا وعلميًا وروحيًا وأخلاقيًا ودينيًا؟.. لا!
هل وهل وهل؟ ... والإجابة دائمًا: لا ... مثالٌ بسيط يوضح مأساوية الوضع العربي الراهن على الصعيد البحثي والمعرفي؛ ففي سنة 2016 بلغ عدد براءات الاختراع للدول العربية مجتمعة (التي يزيد عددها عن 420 مليون نسمة) 1753 براءة اختراع، وفقًا لتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) WIPO، في حين بلغ عدد براءات الاختراع للصين 1.338.503، وللولات المتحدة 605.571، ولليابان 318.381، ولكوريا الشمالية (التي يبلغ عدد سكانها 25.49 مليون نسمة فقط) 69.120، ولإسرائيل 15.103 براءة اختراع!
هذه التساؤلات تُشكل في مجملها سؤال الحضارة الأول والرئيس: المغزى من الوجود.. وإجاباتها ترسم صورة واضحة للواقع العربي الغث.. أمة لا مكان لها تحت الشمس، تحيا بالضجيج.. ومن قلب الضجيج أكتب قهرًا!
ومن أسئلة الدكتور صلاح عثمان إلى أسئلة الأستاذة الدكتورة وفاء سمير أستاذة الفلسفة بكلية البنات جامعة عين شمس والتى طرحت ما يدور في رؤوس الكثير منا:
هل الاعتراض جريمة ؟!
هل النفاق أدب ؟!
هل الصراحة وقاحة ؟!
هل الجهل نعمة وأدب ؟!
هل الصمت ضعف واستكانة ؟!
هل رفض التجاوز تخلف ورجعية ؟!
هل احترام الذات والاعتزاز بالكرامة كبر وغرور؟!
هل وجود الضمير الحي موضة قديمة ؟!
هل سرقة مجهود الغير والغش والكذب شطارة وجدعنة ؟!
هل الرشوة في صورة مجاملات هي ثمن لكل منصب ؟!
هل أصبحت العلاقات الشخصية المفرطة ومسح الاحذية وبيع الكرامة والشرف هي وسيلة الوصول في هذا الزمن ؟!
تساؤلات ملحة ومباحة لمن يعيشون هذا الزمن.
ودعونى اختتم تلك الطائفة من أقوال قامات ومنارات الفلسفة باقتباس من كلام الأستاذة الدكتورة فاطمة إسماعيل أستاذة فلسفة العلم بكلية البنات جامعة عين شمس حيث كتبت: صدق نزار قبانى حين قال الأفعال هى التى تؤكد على صدق المحبة أما الأقوال فالكل فلاسفة.
ولعلى أردت بهذا العرض بل وتمنيت أن ينضم بعض هؤلاء الفلاسفة أو كلهم إلى قائمة كتاب المشهد، وأجزم أنهم سيكونون جميعا محل ترحيب وتقدير. وأدعوهم جميعا، لإضاءة المشهد بأفكارهم ورؤاهم، بالأصالة عن نفسي وبالأصالة أيضا عن أسرة التحرير التي تنزل الناس منازلهم.
---------------------
بقلم: عبدالغنى عجاج