هل أنت مع تطوير التعليم ؟؟ بكل تأكيد ..كل إنسان عاقل يعلم أن التطوير هو المفتاح السحرى لقفزة تعليمية تضع مصر على الطريق الصحيح نحو نهضة شاملة فى كافة المجالات: العلمية والاقتصادية والاجتماعية.
انا على إدراك تام بأن مصر تمر بظروف اقتصادية غاية فى الصعوبة تحتم عليها المواءمة بين عمليات التطوير والإصلاح التعليمى، وبين سد الاحتياجات الحياتية الضرورية الاخرى التى لايمكن الاستغناء عنها كالغذاء والدواء والنقل والمواصلات والصرف الصحى.
إذن نبصم جميعا بالعشرة على أهمية تطوير التعليم، مع إدراكنا الكامل لحجم المعاناة الاقتصادية التى تمر بها مصر، ونوافق - مع قدر كبير من التحفظ - على خطة وزارة التعليم الرامية إلى الانتقال من وسائل التعليم بالتلقين إلى التعليم العصرى التكنولوجى المعتمد على الفهم والإدراك وإعمال العقل .
طيب ياعم حيرتنا.. مالمشكلة إذن ؟؟ المشكلة تكمن فى أن (المعلم) وهو رأس الحربة فى عملية التطوير يعانى ويئن من وطأة موجات غلاء عاتية أصابت استقراره الاسرى والاجتماعى، فكيف يصبح قادرا وهو فى هذا الوضع المهين ، على تطبيق خطة تطوير التعليم!!
أقتطع هنا جزءا من تصريح سابق للدكتورة ماجده نصر عضو لجنة التعليم بالبرلمان ،حتى لاأتهم بالتهويل أوضحت فيه:
(( إن لجنة التعليم بالبرلمان انتهت من إعداد دراسة دقيقة تعتمد على خط الفقر وخط الكفاية، لافتة إلى أن الدراسة خلصت إلى أن الراتب الحالى ينطبق عليه خط الفقر ولا يلبى أى من الاحتياجات الأساسية للمعلم.))..فكيف بمعلم يقبع عند مستوى خط الفقر أن يكون جزءا فاعلا ومؤثرا فى تطوير التعليم، وأن يعمل على تحويله من مجرد نظريات إلى واقع ملموس!؟
ولن نكون منصفين - فى ظل هذه الظروف - إذا اردنا مساواة المعلم المصرى بأقرانه فى دول العالم، لكن علينا أن نشير إلى رواتب المعلمين ومدى الاهتمام الفائق الذى توليه بعض الدول للمعلم ورسالته العظيمة ، فتأتى لوكسمبورغ تلك الدولة الصغيرة على سلم رواتب للمعلمين ب٧٣ الف دولار سنويا للمعلم من دون خبرة ،أما فى ألمانيا فيبدأ المعلم براتب قدره ٤٦ الف دولار سنويا، وفى امريكا بداية راتب المعلم ٣٧ الف دولار سنويا ...وبالطبع ندرك تماما أن المقارنة ظالمة، ولا تستقيم بين مصر وهذه الدول المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا.
المعلم فى مصر يريد أن يعيش فى بلده بكرامة، ليؤدى رسالته التعليمية والتربوية على أكمل وجه، فهو اولى بالرعاية والاهتمام من تلامذته ممن تتلمذوا على يديه من قضاة وضباط ومهندسين وأطباء، وانا على يقين بأن كل هؤلاء سيكونون فى غاية السعادة إذا رأوا أن معلميهم يعيشون حياة كريمة.
هل من حلول إذن؟ وضع اقتصادى صعب.. وحياة غير كريمة للمعلم.. ورغبة جامحة بل وحتمية لتطوير التعليم.
أنا ارى أنه ينبغى التفكير خارج الصندوق، والبحث عن حلول عاجلة للارتقاء بمستوى المعلم ماديا ومعنويا بإعطاء دور فاعل لمنظمات المجتمع المدنى، والاعتماد بشكل مؤقت على تبرعات رجال الاعمال، والتفكير فى آليات مبتكرة لاستثمار المبانى التعليمية خاصة فى الإجازة الصيفية وبما يتوافق مع وقارها واحترامها، وإيجاد آليات لجلب ما يقرب من ٢٠ مليار جنيه ينفقها أولياء الامور على الدروس الخصوصية بمحض إراداتهم ومن دون إجبار لتطوير العملية التعليمية، فسيتم ضخ كل هذه المليارات وتحويلها لتطوير التعليم إذا شعر أولياء الأمور بأن هناك تغيرا حقيقيا، وتحسنا ملموسا فى مستوى التعليم بالمدارس ، وإذا رأوا حقا أن هذه الاموال تذهب فى مكانها الصحيح، فولى الأمر على استعداد أن يبيع (هدومه) ليعلم أولاده.
إذا أردنا فعلا أن نطور التعليم بسرعة وفاعلية، فيجب أولا أن نهيئ البيئة المناسبة ، وأن نعمل باقصى سرعة ممكنة للارتقاء بمستوى المعلم ماديا ومعنويا.
المعلم هو القاطرة التى تقود عملية تطوير التعليم ..(المعلم أولا ) ينبغى تفعيله وتحويله من مجرد شعار نتغنى به، أوحلم نحلم به إلى واقع يشعر به المعلمون وأسرهم.