12 - 05 - 2025

لماذا تأجيج الحرب الشيعية/ السنية؟

لماذا تأجيج الحرب الشيعية/ السنية؟

شغلنى سؤال عن مغزى المقال الذى وافق رئيس تحرير صحيفة الأهرام على نشره، لأميرة كويتية (فوزية آل صباح) بعنوان (المؤمنون بالقرآن هم الشيعة) بالرغم من أنّ المقال مليىء بالمغالطات ويفتقرإلى الحد الأدنى (من المعلوماتية) حيث اعتمدتْ الكاتبة على الصيغ الانشائية. والأهم هوالدفاع عن إيران وعن الحزب اللبنانى الذى سرق اسم الله ليكون هو اسم الحزب. 

والشيخة الكويتية بسبب ميولها الشيعية المحمومة، سمحتْ لنفسها التدخل فى الشأن المصرى، فتساءلتْ: لماذا السكوت على المد الشيعى؟ أوالوهم الشيعى؟ وطرحتْ سؤالا دون تحديد المُـخاطب: ألستم قسّـمتم الشعب المصرى؟ وهل تخلصتم من المشروع الأمريكى؟ وهل طبقتم الشريعة الإسلامية؟ ثـمّ انتقلتْ إلى الحديث عن (مشاكل المصريين) من جوع وفقر لدرجة الحديث عن العشوائيات. والأخطر أنها أشعلتْ النار بين السنة والشيعة فقالت: السنة العرب مُـشتتون مشغولون بتصميم (الخوازيق) لبعضهم البعض ((وهم كالذئاب ينهشون بعضهم على تويتر)) بينما لاتوجد قنوات شيعية للسب واللعن والتكفير كما يفعل شيوخ الفتنة. 

وسأتجاهل كل تلك الأسئلة وأركــّـز على ما قالته عن (أكذوبة سب الصحابة) التى يـُـروّج لها شيوخ السنة. وأود توضيح أننى لا أفرّق بين شيعة وسنة فى مسألة التكفير، كما لا أفرّق بينهما فى تمسكهما بالميتافيزيقا المُـستمدة من مرجعيتهم الدينية والاعتماد على القوى الخارقة للطبيعة لحل مشاكل البشر.

أعتقد أنّ أصغر باحث فى تاريخ الخلافة الإسلامية يعلم أنّ لغة التكفير المُـتبادلة بين السنة والشيعة بدأتْ عندما قالت عائشة عن الخليفة عثمان ((اقتلوا نعثلا فقد كفر)) ثم كانت الذروة بعد واقعة الاحتكام إلى القرآن وظهور جماعة الخوارج.  

كما أنّ الشيعة انقسموا إلى فرق عديدة خاصة فى (مسألة الإمامة) مثل الكيسانية هم أصحاب (كيسان) مولى على بن أبى طالب. ومن رأيهم أنّ الإمام لايموت ولايجوز أنْ يموت حتى يرجع. ومن الفرق (المختارية) أتباع المختاربن عبيد وكان يدعى علمه بالأحداث قبل وقوعها، ويوحى إليه (الملل والنحل- الشهرستانى- هيئة قصورالثقافة- عام2014- من ص279- 286)  

ومن الفرق الهاشمية أتباع أبى هاشم بن محمد بن الحنفية. وكان من رأيهم أنّ الخلافة تكون بحق اتصال النسب، وقالوا إنّ العباس (عم النبى) أولى بالوراثة. ونشأتْ (الخرمية) و(المزدكية) بالعراق. ولما مات الإمام بخراسان قالوا إنه حى ولم يمت وسيرجع. أما فرقة (الحارثية) فإنهم يـُـبيحون المحرمات. وحدث خلاف شديد بين الفرق حول الإمامة، فكل واحد يدعى الوصية عن أبى هاشم (ص294)  

أما فرقة (البيانية) أتباع بيان بن سمعان التميمى فإنهم من الغلاة الذين ألــّـهوا الإمام على لأنّ به جزءًا إلهيـًـا اتحد بجسده. ثم ادعى (بيان) أنّ الجزء الإلهى انتقل إليه ولذلك استحق أنْ يكون الإمام والخليفة. وكتب إلى محمد بن على بن الحسين الباقر((اسلم تسلم فإنك لاتدرى حيث يجعل الله النبوة... فقتله خالد بن عبدالله وقيل أحرقه (من ص295- 297) ومن الفرق (الرزامية) أتباع (رزام بن رزم) ادعوا حلول روح الإله فى إمامهم. فتمت إبادتهم عن بكرة أبيهم من خصومهم (299) 

ومن الفرق (النعمانية) أصحاب محمد بن النعمان أبى جعفر. وهذه الفرقة انقسمتْ إلى أربع جماعات شيعية أشهرها القدرية (ص406) والذين قالوا بإمامة الحسن بن الإمام على، انقسموا بعد وفاته إلى11(إحدى عشر) فرقة. والفرقة الأولى قالت إنّ الحسن لم يمت. والفرقة الثانية قالت ((يجب أنْ يحيا بعد الموت)) وبعض الفرق أقرّتْ بأنه مات وبعضها قالت لاندرى (من ص347- 358)  

وبينما قالت الشيخة الكويتية أنّ الشيعة لم يـُـكفروا صحابة الرسول، ذكرالشهرستانى عن فرقة (الكاملية) أصحاب (أبى كامل) أنهم كفــّـروا جميع الصحابة لأنهم لم يقفوا مع على. بل إنهم كفــّـروا الإمام على لأنه (من وجهة نظرهم) ترك البيعة. أما فرقة (العلبائية) أتباع (العلباء بن ذراع الدوسى) الذى كان ((يفضل عليـًـا على النبى وزعم أنّ الدعوة للإسلام كانت موجهة لعلى، ووصل به الشطط لدرجة (ذم النبى الذى دعا لنفسه) وفرقة (المغيرية) أتباع (المغيرة بن سعيد البعجلى) الذى قال أنه: قد نزل قرآن فى حق عمربن الخطاب فى آية ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفرفلما كفرقال إنى بريىء منك)) (الحشر/16)  (الشهرستانى ص376)  

وذكر إبراهيم بن سيار النظام (صاحب فرقة النظامية) أنّ النبى أشارإلى على فى أكثرمن موضع، وأظهره إظهارًا لم يشتبه على الجماعة، إلاّ أنّ عمربن الخطاب كتم ذلك وهوالذى تولى بيعة أبى بكر يوم السقيفة (مصدرسابق- ص82) 

يؤكد ما سبق ما ذكره (زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب) صاحب (فرقة الزيدية) حيث قال إنّ الرسول فى مرض الموت، أشارإلى تقليد الأمر لعمر بن الخطاب، فزعق الناس وقالوا: قد وليتَ علينا فظــًـا غليظــًـا)) فكان تعقيب الشهرستانى ((فما كانوا يرضون بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لشدته وصلابته وفظاظته حتى أسكتهم أبوبكر بقوله: لوسألنى ربى لقلتُ: وليت عليهم خيرهم (305) 

وذكر واصل بن عطاء (صاحب فرقة الواصلية) أنّ رسالة حسن البصرى التى كتبها إلى عبدالملك بن مروان عن الجبر والقدر أنّ أتباع هذه الفرقة فى منزلة بين منزلتيْن، فقال واصل: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقــًـا ولا كافر ثم قام واعتزل فسُمى هو وأصحابه (معتزلة) وبالرغم من ذلك عندما سئل (عن المتلاعنين) قال: لاتقبل شهادة المتلاعنين، وعلى ذلك لاتجوز شهادة على وطلحة والزبير، فكان تعقيب الشهرستانى ((هذا قول واصل رئيس المعتزلة فى أعلام الصحابة. ووافقه عمربن عبيد. وزاد فى قوله: لو شهد رجلان من (غزوة أحد) مثل على ورجل من عسكره أو طلحة والزبير لم تقبل شهادتهما لكونهما من أهل النار(مصدرسابق- من ص64- 70) ونفس الموقف اتخذته (فرقة الأزارقة) حيث كفــّـروا عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبدالله بن عباس وسائر المسلمين وتخليدهم فى النار(ص210) وهونفس موقف (فرقة السليمانية) أما (فرقة الصالحية والبترية)  فناقشوا الموقف من عثمان: أهومؤمن أم كافر؟ وقالوا: إنّ الأخبار الواردة فى حقه أنه من العشرة المبشرين بالجنة، فهل نحكم بصحة إسلامه وإيمانه، لمجرد أنه من أهل الجنة؟ وانتهى رأيهم على أنّ الأحداث التى أحدثها ((من استهتاره بتربية بنى أمية وبنى مروان، واستبداده، قلنا بكفره)) (من 316- 320)
-----------------------
بقلم: طلعت رضوان

 

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟