19 - 04 - 2024

كيف تصبح مواطنا صالحا في أربع خطوات

كيف تصبح مواطنا صالحا في أربع خطوات

كان حلمي الطالب الجامعي في فيلم "الكرنك" يؤكد للضابط خالد صفوان المجنون بالتعذيب والتلفيق "كمال الشناوي" أثناء التحقيق أن الدستور يكفل حرية الفكر والاعتقاد لكل مواطن، فيرد صفوان مباشرة أن هذه الحرية مكفولة للمواطن الصالح!! 

لم تتغير رؤية كثير من السادة المسئولين لدينا، هناك مقياس خاص وتعريف حصري للمواطن الصالح تحتكره السلطة، أي سلطة، والأكيد أنك لن تستطيع أن تعيش بأمان إلا إذا كنت هذا المواطن الصالح الذي بشرنا به الضابط خالد صفوان: 

فكيف تصبح مواطنا صالحا في أربع خطوات: 

أولا:  ابتعد تماما ونهائيا عن الرفض أو الغضب أو الاحتجاج أو التمرد على أي شيء وكل شيء، لا تطالب بواقع أفضل لك أو لأولادك ، لا تحتج على انخفاض الرواتب ولا ترفض الغلاء، لا تعترض إذا ظلمك مديرك، وحذار أن تفكر في الاحتجاج بأي وسيلة، استسلم تماما للمكتوب واحمد الله في السراء والضراء وتأكد أنك " أفضل من غيرك" مهما بلغت درجة البؤس أو الشقاء التي تحياها .. لا مجال أمام المواطن الصالح إلا للاستسلام للواقع والانتظار، لا تسأل حتى انتظار ماذا؟  عليك أن تنتظر وكفى!! 

إذا زادت أسعار البنزين والسلع الغذائية والكهرباء والمياه والمواصلات للدرجة التي أعجزتك وأثقلت كاهلك كن واثقا أن هذه الزيادات مقدمة لمستقبل مشرق ينتظرك أنت وأولادك !! 

ثانيا: استمع إلى تصريحات السادة المسئولين بدقة، ولا تشكك فيها أبدا، اقنع نفسك أن إنجازات كبيرة تحدث كل يوم، وأن واقعك تحسن للأفضل، وأن كل ما يردده  المسئولون ليل نهار هو كلام مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ابتعد تماما عن كل من يشكك في مسئولي وطنك، ولا تصدق المعارضين للسلطة، فكلهم من المغرضين الممولين الذين يرغبون في هدم الدولة واستقرارها، وكلهم منافقون لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية، وهم يحاولون استخدامك لتحقيق مصالحهم، وكن متأكدا أن الحكومة ورجالها والمقربين منها هم الأصدق والأنزه والأكثر فهما وعلما وخبرة وكفاءة، ولولاهم لسقط الوطن وضاعت مصر ودخلت في دوامة الفوضى !! ابتسم وكن سعيدا وأنت تقرأ أو تسمع تصريحات المسئولين،حتى لو رأيتها ممتلئة بالتناقض والكوميديا والبلاهة! 

ثالثا: انس تماما كلمة حرية، فهذه الكلمة اخترعها أعداء الوطن لتخدم أجنداتهم وليسمحوا عن طريقها لقوى الخارج أن تتدخل في شئوننا الداخلية، وهي كلمة قبيحة فضفاضة ومرادف فج للفوضى والانحلال، الحرية هي الكلمة التي تتشدق بها المنظمات الممولة العميلة التي تعيش في وسطنا لكنها تخدم اجندات القوى الخارجية، قوى شريرة مزعجة تتآمر علينا وترغب في تمزيق وطننا وهدم استقراره، لا تتذكر كلمة الحرية حتى إن رأيت الآلاف من سجناء الرأي والتظاهر السلمي، فجميعهم إما خائن يرغب في هدم الوطن، وإما مخدوع ممسوح العقل لا يفهم ما يفهمه السادة الضباط، فهؤلاء قد وقعوا للأسف ، دون إدراك ، أسرى للمعارضين السلميين الذين يريدون ضرب استقرار الوطن وتدميره،  لذلك لا حل إلا وضعهم في السجون لعدة سنوات حتى يتراجعوا عن أفكارهم الهدامة .. 

لا تحلم أبدا بأن يكون لك الحق في التعبير عن رأيك ووجهة نظرك، فنحن في مجتمع محافظ ، نحترم الكبير ونقدس المسئولين ويجب أن نعلم أن انتقادنا للمسئولين هو من قبيل العيب، فالسيد المسئول هو كبير العائلة هل يجوز أن تنتقد والدك مثلا؟!! 

رابعا: لا تصدق إلا الإعلام "الوطني"، هذا الإعلام الذي يدافع عن الدولة واستقرارها ويكافح ضد أعداء الوطن، ويكشف مؤامرات الخونة والعملاء، هذا الإعلام الذي يطالبنا بالصبر والتحمل من أجل البناء والتعمير، هذا الإعلام المؤمن الذي يؤكد أن الفقر والغلاء ابتلاء من الله عليك تحمله، وانس تماما أن المذيع أو الكاتب الذي يطالبك بالصبر يتقاضى الملايين، فهو يقوم بدوره الوطني المهم، ونحن في حالة حرب الآن ضد الخونة والمتآمرين لا يجوز أن نختلف على كلام المذيع الوطني!! 

في نفس الوقت ابتعد تماما عن كل ما يكتبه أو ينشره المعارضون فهم إما لا يفهمون ولا يدركون الواقع وإما عملاء أصحاب أجندات يعادون الوطن ومصلحته!! 

الآن أستطيع أن أؤكد لك عزيزي المواطن الصالح أنك أصبحت تعيش آمنا مطمئنا في وطنك الغالي، ولكن حذار أن تنسى القواعد الأربع السابقة، وعليك الآن أن تعيد قراءة المقال من جديد لأنه سيصبح دستورك لكي تكون مواطنا صالحا، وهو دستور لا يمكن تعديله!!
--------------------
بقلم: عمرو بدر*
* عضو مجلس نقابة الصحفيين

مقالات اخرى للكاتب

نقابة الصحفيين.. المبنى والمعنى





اعلان