العقل الجمعى للمصريين على اختلاف مستوياتهم الإجتماعية والثقافية أعطى منزلة كبيرة للدستور بل وجعل كلمة الدستور مرادفة للذوق والاحترام ومراعاة خصوصية الآخرين وحرمة بيوتهم...ولا أدل على ذلك من استخدام المصريين كلمة (دستور) وهم يدخلون بيوت الآخرين للدلالة على أن هناك زيارة للبيت وللتنبيه على من يهمه الأمر، كى يكون مستعدا لإستقبال الضيف أو الزائر أو حتى عدم استقباله طبقا لما يراه...وغالبا ما تستخدم كلمة دستور متبوعة بكلمة (يارب ياساتر) للتنبيه على أهل البيت باتخاذ الأوضاع التى يرونها مناسبة لحماية خصوصياتهم وقيمهم.
ولأننى رأيت ابائي واجدادى يستخدمون كلمة (دستور) بكل تبجيل وإحترام ولأننى درست وتخرجت من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية فقد حرصت على وضع دستور لحياتى الزوجية منذ أن تعرفت على زوجتى وأم اولادى فيه العديد من المبادئ الحاكمة وأولها عائلتى خط أحمر وغير مسموح بالتدخل بأى شكل من الأشكال فى علاقتى بأمى(رحمة الله عليها) واشقائي وشقيقاتى وفى المقابل قلت لزوجتى وعن نفسى سأعتبر علاقتك بعأئلتك خطا أحمر ولن اسمح لنفسى بالتدخل فيها ومن حقك تماما مجاملة من ترين ومساعدة من ترين ....واتفقنا انا وهى أن يساعد كل منا الآخر فى أن يكون واصلا لأرحامه....
كما اننى وضعت دستورا عاما لعلاقتى بالآخرين من أهم ملامحه اننى لن اسمح لأحد بالتدخل فى شئونى الخاصة ولن اسمح لنفسى بالتدخل فى شئون الآخرين الخاصة...ولن اسمح لأحد مهما كان بالنيل من كرامتى ولن اسمح لنفسى بالنيل من كرامة الآخرين...
ومنذ عام 1981 لم أفكر إطلاقا فى تغيير أو تعديل دستورى سواء المبادئ المتعلقة بعلاقتى بزوجتى أو تلك المتعلقة بعلاقتى بالآخرين...تذكرت علاقتى وعلاقة المصريين بالدستور وانا اتابع مطالبات البعض بتعديل دستور 2014 لتحقيق ما أسموه بالإصلاح السياسى الذى طال انتظاره...وتلك الدعوات جعلتني استدعى كلام أستاذنا الدكتور حامد ربيع المفكر السياسى الكبير رحمه الله الذى حدد صلاح الأوضاع السياسية فى أى بلد بتوفير عناصر الديمقراطية الحقة، وهى تعدد القوى السياسية من أحزاب ونقابات والقبول بوجود معارضة بل واحترامها والتداول السلمى للسلطة عبر انتخابات سليمة تقبل بالمنافسة الحقيقية فضلا عن بيئة تسمح بالمشاركة السياسية الواسعة للجماهير...
الأصل الأصيل تطبيق قواعد ومبادئ الدستور ...والأولى إحترام الدستور وإحترام رأى الأغلبية التى وافقت عليه ....والأولى أن تظل كلمة "دستور يا اسيادنا" أهم ما يميز طبيعتنا كمصريين نعلى القيم ونتمسك بالاصول.
---------------------
بقلم: عبدالغنى عجاج