نتفق أو نختلف مع الرئيس السيسي في بعض السياسات، لكن يظل هذا الرجل هو رئيس دولة عظيمة بحجم مصر، رئيس أكبر دولة عربية في المنطقة و رئيس لحضارة عريقة ذات سبعة آلاف عام، رئيس لجيش مصنف التاسع عالميا، و الرئيس الذي أنقذ مصر من قبضة الإخوان المسلمين في30 يونيو.
فقد تضاربت الآراء على السوشيال ميديا حول الحوار الذي أذاعته قناة ال CBS الأمريكية للرئيس السيسي في برنامج " 60 دقيقة" مع المذيع " سكوت بيللي" و الذي كان واضحا أنه يعمل لصالح أجندات مشبوهة لبلده أمريكا "الشيطان الأكبر في المنطقة" و جماعة الإخوان التي أقرتها الدولة المصرية كجماعة إرهابية عام 2013 م, و لم يكن هذا من باب التعسف أو القمع إنما كان بسبب أحداث العنف و القتل التي كانت الجماعة وراءها كحرق الكنائس و فتح السجون و حرق أقسام الشرطة و غيرها الكثير.
و لن أتحدث كثيرا عما جاء في الحوار بقدر ما سأتحدث عن "البرومو" التي بثته القناة كدعاية للحوار, حيث ظهر المذيع فيه يتكلم عن انطباعه بعد اللقاء مع الرئيس السيسي فتكلم بنبرة تملأها الثقة و الغرور القميء كعادة الرجل الغربي الذي يظن نفسه الإنسان الوحيد الذي يفهم على وجه البسيطة وهو يُنقل نظراته بين المذيعة التي تسأله و بين السيدة المساعدة له بجواره، ماطا شفتيه إلى الأمام "علامة على استيائه من الحوار مع السيسي" واصفا إياه بأنه" الرجل الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في بلده مصر في العصر الحديث " وهو يقصد بذلك طبعا حقوق المحبوسين من جماعة الإخوان المسلمين ! واتهم السيسي بأنه يعتقل 60 ألف شخص في السجون المصرية حسب تقارير مشبوهة أيضا لمنظمة هيومان رايتس ووتش، تلك المنظمة التي لا أعرف منذ متى تصدق و هي التي تغض الطرف عما يحدث من سفك دماء هنا وهناك في فلسطين و سوريا واليمن وغيرها!
حيث اتكأ المذيع للوراء قليلا متحدثا و كأن السيسي واحدا من أكبر الطغاة في العالم، و كأنه كجورج بوش" سفاح أمريكا السابق في العراق" مثلا، و نسي المذيع أن دولته سبب خراب العالم العربي كله، و نسي أنه من الغباء غير المبرر أن يدافع برنامج هو الأشهر في أمريكا عن جماعة الإخوان المحظورة ومسجونيها بهذا الشكل المستفز واللافت للنظر.
كما صدمني في البرنامج وجه لأحد الأساتذة الجامعيين من الإخوان ممن كان قد درس لي في محاضرات الأدب الإنجليزي بالجامعة، و ذهلت حقيقة ممن قد يلجأون لأمريكا ضد بلادهم التي كانت السبب في أن يذهب الواحد منهم في بعثة إلى أمريكا ثم يصبح أداة ضدها في الإعلام الأمريكي.
في رأيي لو كانت هناك فضيحة حدثت في البرنامج فهي تخص هذه الوجوه الناكرة للجميل وحدها و أمريكا راعية الإرهاب في الشرق الأوسط بأكمله. فمن المفترض أن مشاهدي العالم ليسوا بهذا الغباء لثُمثل أمامهم أمريكا وإعلامها المشبوه و عملاؤها اللائي يلهثون وراء زيف الغرب وزعمهم بالدفاع عن حقوق الإنسان على اعتبار أن أمريكا هي الزاهدة طاهرة اليدين التي تبحث عن حرية المعتقلين! وأمريكا نفسها هي أكبر مجرمة عرفها التاريخ المعاصر، و لا يخفى على عاقل أنها بحوار مذيعها هذا قد كشفت عن تورطها علانية بعلاقة غير شريفة مع الإخوان المسلمين في مصر و البلاد العربية كلها منذ أن قامت ثورات الخريف العربي أو فلنقل السواد العربي. فلا أعرف منذ متى و أمريكا الغازية- التي ذبحت هي و مواطنوها الأوائل أكثر من مئة مليون هندي أحمر- منذ متى و هي تعرف الإنسانية و ترتدي ثوب الحمل الوديع لتتدخل في الشئون المصرية؟!
-----------------
بقلم: هبة أنور حزين*
* شاعرة وفنانة تشكيلية