13 - 05 - 2025

عن عصمت قنديل التي وعدتنا بالجنة

عن عصمت قنديل التي وعدتنا بالجنة

كنا ندخل بيت الأستاذ علاء الديب الكائن في المعادي الأولى التي جرى تأسيسها قبل زمن الأبراج والبلادة  . نستمع للأستاذ أو نشاكسه ، ويخفي كل منا عن عين صاحبه مراقبته لسيدة الدار . 

نعم كنا نراقبها في صمت ونتنهد حزنًا أو شوقًا أو توقًا. سيدة الدار المتوجة هى الأستاذة عصمت قنديل. هى عندنا " ماما " و" طنط " والأستاذة ، هذه ألقاب ندللها بها  لكي نخفي عمليات الرصد والمراقبة . 

نأكل ونشرب ونمرح ونتشاجر وتبقى المراقبة . 

يهم علاء الديب بالنداء فتحضر عصمت ! لقد هم فحسب فكيف عرفت ؟. يقول مغمغمًا : الـ .. كان هناك ولكن .. الـ  تجيب ضاحكة : غالبًا سرقه حمدي. فنعرف أنه كان يقصد كتابًا .  

ننفى السرقة عنا . تضحك وتقول : أنتم تسرقون الكحل من العين. نتبادل نظرات متسائلة .. هل عرفت بمراقبتنا لها ؟. 

يهم علاء بالقيام فتأتي عصمت لتساعده فكيف عرفت ؟. تسافر معه إلى مرسى مطروح وتتصل بي لتسألني عن جديد الكتب قائلة : تعرف أباك لا يهدأ إذا غابت الكتب عنه . 

تخترق شوارع مطروح تحت شمس جهنمية حتى تأتي بالكتب ! هكذا تفعل وهى معه في الأقصر أو أسوان أو الإسكندرية ، هى المسئولة الأولى والوحيدة عن مزاج رجلها . 

هل كان رجلها أم كان كاتبها المفضل ؟. كان رجلها أو كاتبها المفضل يعتمر طاقية قطنية في الشتاء ويضع على كتفيه الروب الصوفي ، وكنا نناكفه وكان يضحك ، ثم قامت هى وسارت إليه بخطوات هادئة وجلست بالقرب منه وراحت بأنامل متبتلة كأنها لا تعي ما تفعل تسوى وبر الطاقية والروب. 

ثم بالهدوء نفسه غادرت إلى الحديقة وجاءت بباقة من نعناع فاجر الخضرة وقدمت إليه الباقة . فنظر إليها مبتسمًا وقال : جميل . قالت بيقين : هذه الباقة هدية لكتابك الجديد . بعد ذلك المشهد، ثقلت علينا المراقبة فغادرنا بيت الديب .

 قلت لصاحبي : هل ؟. 

قاطعني : لا . 

قلت : لماذا هذا القنوط ؟ 

قال : الواقعية مريحة والأمل خداع ، هذه امرأة تحب كاتبًا ، لقد تزوجته لأنها تحبه ، وعندما يتركها للكتابة يزاد حبها له ، مثيلاتها لا يظهرن إلا في البخت ، وبختك وبختى نحن نعرفه.

 قلت : إنها تصنع الجنة . 

قال : جنتنا نحن في الآخرة فقط ، دنيانا هى كما علمت . 

الأحد الماضي كان عيد ميلاد الأستاذة عصمت التي أطعمتنا وسقتنا وجعلتنا نحلم بجنة الحب على الأرض . رحل الأستاذ وتفرق الأصحاب ولكن لم أكف عن مراقبة امرأة تحب رجلها أو كاتبها المفضل .
--------------------
بقلم: حمدي عبد الرحيم



مقالات اخرى للكاتب

يأكلون الناس ويدفنون السمك