26 - 04 - 2024

رسالة من "نصف ميت" لقلب وزيرة الصحة ومديري المستشفيات الكبرى وأهل الخير

رسالة من

اسمي (ي.س)، مدرس لغة عربية، أبلغ من العمر 45 سنة، إلا أني – والحمد لله على كل حال - أستدبر الدنيا، وأستعد لاستقبال الآخرة، ولي تجربة وددت أن أطلعكم عليها.

عشتُ من أجل النَّحو، وأموت – والحمد لله – على ذلك، وقمت خلال 10 سنوات متَّصلة بإنشاء أضخم موقعٍ عربيٍّ لتعليم النحو على الإطلاق، وأحد المواقع المعدودة عالميا في هذا المجال، وهو موقع (...)، الذي أنشأته وحدي، ومولته وحدي، وكل ما يحتويه الموقع من مواد وبرمجيات واسطوانات وإصدارات صمَّمتها وحدي، حتى أصبح الموقع واحة لكل محبي ودارسي النحو في كل مكان، وطوال هذه السنوات كنت أعمل يوميا لما يقرب من 15 ساعة؛ لأنني وباختصار، في سباق مع الموت!!

نعم، أنا في سباقٍ مع الموت منذ سنوات؛ حيث أعاني منذ سبع سنوات من قرحةٍ وريديَّة ملعونة خبيثةٍ في السَّاق، ظلَّت تأكل في ساقي وتعربد في جسدي طوال هذه السنوات حتى أكلت ساقي، خصوصًا وأنا مريض بالسُّكَّر، وبالسِّمنة المفرطة. وأفسد ذلك الثالوث المدمر حياتي (السكر + السمنة المفرطة + القرحة ).

إلا أنَّني، وأنا نصف ميِّت، صمَّمت أن أؤدِّي رسالتي التي حملتها على عاتقي طوال حياتي، ألا وهي رسالة (تيسير النحو على المتعلمين )، مع أنَّني لا أملك من الدنيا مصدرا للدخل إلا راتبي الذي يبلغ – بعد 23 سنة من العمل بالتَّدريس – 2400 جنيه (ما يعادل 140 دولارا ) يُفترَض أن أعول منها نفسي، وأسرتي المكوَّنة من زوجة وأربعة أطفال في المراحل التعليمية المختلفة، وأن أُعالَج منها أيضًا، رغم أنَّ الغيار على الجرح يتكلَّف وحده 2000 جنيه شهريًّا، بل وأن أموِّل منه الموقع أيضًا.

ولقد ألجأتني القرحة للأسف إلى خيارٍ آخر مرير ومدمِّر، وهو أخذ حقنة مسكِّنة على الأقلِّ يوميًّا لا أستطيع أن أنام بغيرها، وفي آخر 750 يومًا، أخذت 750 حقنة مسكِّنة!!

نعم، الرَّقم صحيح، ولا داعي لتفرك عينيك لتتأكَّد من صحَّة الرَّقم، إنَّها – وبالحروف - سبعمائة وخمسون حقنة مسكِّنة، في 750 يومًا، وما خفي كان أعظم!!

ومن المضحكات المبكيات أنَّه حتَّى خيار البتر غير متاح؛ فالسَّادة الأطبَّاء - سامحهم الله - أجمعوا على رفض البتر؛ بزعم أنَّه لا يوجد غرغرينة؛ فتمنَّيت لنفسي الغرغرينة!!

وما أقسى أن يتمنَّى الإنسان الغرغرينة فلا ينالها، وأن يطلب الموت فلا يحصل عليه!!

أمَّا بالنِّسبة لخيار الموت، فهو غير متاحٍ بعدُ للأسف؛ فليس للمريض بهذا الثُّلاثيِّ المروِّع أن يأمُلَ في موتٍ سريع، وإنَّما من الحتميِّ أن يظلَّ يعاني بلا رحمة.

والخيار الوحيد المتاح حاليًّا، بل والحتميّ، هو الإصابة بالفشل الكلويِّ بسبب الحقن المسكِّنة، وهو الخيار الذي يبدو معه خيار الموت هو الجنَّة التي تجري من تحتها الأنهار؛ حيث إذا أُصِبتُ بالفشل الكلويِّ، وسأُصَاب بها لا محالة كما أكَّد لي الأطبَّاء، سأجمع بين آلام القرحة، وآلام الفشل الكلويِّ، ليس هذا فقط، وإنَّما الأهمّ هو السُّؤال الذي يؤرِّقني، وأعيتني الإجابة عليه: إذا أُصِبتُ بالفشل الكلويِّ، فمَن الذي سيحملني إلى جلسات الغسيل الكلويِّ بوزني الثَّقيل، وأولادي أطفال صغار (16 – 14 – 10 – 2 )؟؟!!

علمًا بأنَّ مستشفى تطوَّعت منذ عام لإجراء جراحتَين لي، ولكنَّ جراحة ترقيع القرحة فشلت للأسف؛ لتصل القرحة إلى مستوى قياسيٍّ، سواء من حيث الحجم، أو من حيث الألم.

لا أريد أيَّ تكريمٍ من أيِّ نوعٍ، وإنَّما كلُّ ما أطلبه هو العلاج، سواء في الخارج، أو حتَّى بإدخالي مستشفى مناسبة، وأن يستمرَّ الموقع من بعدي.

فهل أطمع منكم أن تتفضَّلوا بالنَّشر عن الموضوع؛ لعلَّ أيَّ جهةٍ، رسميَّةً، أو أهليَّةً، أو حتَّى شخصيَّة، تنقذني من الموت بإدخالي مستشفى مناسبًا؟

آمل ذلك.

(بيانات حارس اللغة، صاحب الرسالة، موجودة لدى المشهد، ويمكن لمن يهمه الأمر التواصل معنا عبر الهواتف المعروفة للصحيفة أو مراسلتها على رقم واتساب 00201019444000 أو عبر البريد الإلكتروني ([email protected] )






اعلان